الجمعة 3 مايو 2024
سياسة

في الإرهاب والتطرف.. الملك كان واضحا فهل من مستوعب؟

في الإرهاب والتطرف.. الملك كان واضحا فهل من مستوعب؟

بعد الخطاب الملكي الأخير بمناسبة ثورة الملك والشعب لم يعد ممكنا استمرار الخلل في ميزان تعامل الحكومة مع ظاهرة التطرف والإرهاب.

إننا عشنا في الآونة الأخيرة تناميا مطردا لحملات التكفير على نحو ما ألفناه من فتاوى ودعاوى دموية كان آخرها ما ورد في حديث السلفي المتطرف أبو النعيم الذي سبق أن كفر عددا من المفكرين والسياسيين، ثم عاد مؤخرا للتهجم على العملية السياسية، محرما "التصويت في الانتخابات وما يترتب عنها"، معتبرا أن "الديموقراطية كفر مخرج من الملة". أو ما ورد على لسان عمر القزابري إمام مسجد الحسن الثاني الذي أدان ما اعتبره في الشوارع "عريا فاحشا بصيغة الطغيان"، متسائلا " "أي حضارة في كشف الصدر والفخذين؟"، وقبلهما كان عمر الصنهاجي القيادي بشبيبة العدالة والتنمية قد هدد بقطع رؤوس المعارضين، إلى غيرها من فتاوى ودعاوى الظلام..

في نفس الإطار لم يعد ممكنا السماح باستمرار بعض الأحزاب في المزايدة باحتكار الحديث وحدها باسم المرجعية الإسلامية التي هي المشترك بين كل المغاربة، وبالتالي فهذا الاحتكار ادعاء مزيف يبطن إخراج الآخرين من دائرة الإسلام، ويبطن إضافة إلى ذلك مقدمات فكر أصولي كامن يجب القطع معه بالقانون، وكذلك مع كل من يدخل الله عز وجل في التدافع الانتخابي ليجعله سبحانه وتعالي طرفا في الاستحقاقات الانتخابية القادمة.

أهمية الخطاب الملكي في شقه المتعلق بالتطرف والإرهاب تكمن في التنبيه إلى شمولية وتعدد أبعاد الظاهرة التي صارت تستهدفنا جميعا. ولذلك اعتبرنا الخطاب سيكون له ما بعده، وضمن ذلك قلنا بوجوب إصلاح الخلل في ميزان تعامل الدولة مع الإرهاب، ذلك أننا نسجل حزما ناجعا تجاه متابعة ورصد النشاط الإرهابي المادي عبر نجاح أجهزة الأمن والمخابرات في تفكيك العديد من الخلايا الإرهابية على تراب المملكة، في حين نرى ارتخاء رسميا لدى وزارة الأوقاف والمجالس العلمية والجامعات والمعاهد والأحزاب في متابعة ورصد الإرهاب الفكري ممثلا في  هؤلاء الشيوخ والدعاة المكفرين. مصدر الخلل في التعامل يعود إلى سوء تقدير خطورة هذا النوع  من الإرهاب، وتحديدا خطورة الكلمات والمعاني، وهي تتسربل بالدم لتجد لها تأثيرا في أذهان ومخيال الناس، وخاصة منهم الشبان. مصدر الخلل الثاني متأت من عدم استحضار أن هذا الإرهاب الفكري هو الرحم الذي يتفرخ فيه الإرهاب المادي.

خطاب 20 غشت إذن خارطة طريق واضحة باتجاه سن مقاربة حازمة للحد من تداعيات كل هذه المظاهر المتطرفة عبر تفعيل مساطر القانون، وما يترتب عنها من متابعات قضائية تكون في مستوى المقاربة الأمنية التي أثبتت نجاعتها. مثلما المطلوب كذلك خروج السلطات الدينية عندنا من ترددها لتوظف آلياتها الفكرية والرمزية في هذا الاتجاه، ودون ذلك فالتطرف "الداعشي" يتمرن خطوة خطوة نحو جعل الإرهاب وجهة نظر، لا فعل جريمة. والتكفيريون ماضون في نشر الفتنة التي هي أشد من القتل.