الجمعة 3 مايو 2024
سياسة

لمن يُحمِّلون الغير دمويتهم.. لَمَّا الشيطان عصا الله من كان شيطانه..!؟

لمن يُحمِّلون الغير دمويتهم.. لَمَّا الشيطان عصا الله من كان شيطانه..!؟

قد يجوز في الكثير من الحالات أن تتعدد الأسباب لنتيجة واحدة، غير أن ذلك لم يكن يعني بتاتا أنها القاعدة. نظرا لوجود حالات أخرى وما أكثرها لا تحتمل غير خلفية واحدة. وما ادعاء دونها سوى تُراهات هرطقات يفطن لها الصغير قبل الكبير، الأمي قبل المتعلم، كما من في وعيه التام والسفيه أيضا.

ولعل في أحداث العنف والترهيب التي مازالت موضوع الساعة رغم تراكم الأحداث الكونية بشتى تصنيفاتها، خير دليل على أن السبب واحد ووحيد. إنه عناد و"قصوحية الراس" للواقفين الحقيقيين وراء تلك النعرات، بل واعتبار أنفسهم ذلك الطرف المستثنى من الإتهام نزولا عند مؤدى "إلا من رحم ربي" مع أنهم التهمة ذاتها تمشي على إثنين. وهذا ما يعد الرحم الشرعي "المقنع" لإنجاب كل ما هو عدواني كاره للتعايش السلمي مع بواعث الأمن والإطمئنان حتى يبسط الأرضية الملائمة له وبمساحة كافية لممارسة هوايته المفضلة في اختلاق قلاقل البلبلة. إنما وحتى يبرر هؤلاء العشاق للفوضى والتوتر ومزالق الفتنة إجرامهم، يتسابقون بإلقاء وزر المسؤولية على أكتاف غيرهم كرؤوس للفساد، مع استغلال تلك الأكتاف كسلالم للصعود إلى قمة عالم الموبقات، واضعين أنفسهم الماكرة بمنأى عن الشبهات أمام ضحاياهم، وفي الركن المنسي من ذاكرتهم إن وجدت أصلا.

وبصرف النظر عن عدم وجود مسوغ لعمل إرهابي، أو عذر لسلوك عدواني، أو ستار لتصرف همجي. وبصرف النظر أيضا عمن يعتقد بأنه لا يخطئ فهو على خطأ دائم، ومشروع قنبلة مدمرة لأوصال الوطن المبني على دعائم التكامل والإنسجام. فإن ما يَثبت، يوما بعد آخر، من تورط فاضح لمدعي محاربة الفساد من فساد واحترافهم لأقبح الزلات، إن كانت فواحش جنسية أو المتاجرة في الممنوعات، أو التحايل على القوانين لتحريم حلال وتحليل حرام، بل واجتهادهم في تبني النفاق الإجتماعي بكل أوجهه المعروفة والمبتكرة كذلك حتى وإن كانوا يعلمون بأن المنافق أشد عذابا من الكافر.

كل هذا يبرهن بالحجة على أن العيب فيهم، لا في من يلومون ويعلقون عليهم شماعة سلوكاتهم المشينة. وعليه، فإن أرادوا فعلا الصلاح لهذا الوطن وشعبه، كما تنطق ألسنتهم على الأقل، الأولى إصلاح أنفسهم بدل تشتيت تركيزهم على صياغة خطاب الوعظ والإرشاد الوهمي الملغوم للغير، وتنصيب ذواتهم كملاك لا تأتيه الهفوات من أمامه ولا من خلفه. لأن هذا المخرج هو الكفيل بدفع عجلة البلد للأمام من جهة، وتخليصهم بالمرة من الهاجس الغريب الذي تتزعزع له فرائص صدورهم حين تلقى رؤوسهم على الوسائد ليلا لتحاكي بالعتاب ما بقي فيها من ضمائر مستيقظة.

وعودة على بدء، يبقى مرجع الظلاميين المندسين ببيئة لم تخلق لأمثالهم، فيما يقترفونه أو يهيؤون لاقترافه هو سوداوية نوايا نفوسهم. أما من يعلنونهم شماعة كمطية فهُم براء من ويلات التداعيات، طالما أن لا أحد يجوز له التخفي وراء وَسْوسة الآخر للخروج عن جادة الصواب وإشباع نزوات ساديته، وإلا فليتقدموا بجواب مقنع عن: الشيطان لما عصا الله.. من كان شيطانه؟.