Tuesday 13 May 2025
سياسة

د.الغالي: التحكم كان دائما موجودا والمشكلة في فقدان بوصلته الدستورية

د.الغالي: التحكم كان دائما موجودا والمشكلة في فقدان بوصلته الدستورية

انطلق مسار الإصلاحات السياسية والمؤسساتية مع الخطاب الملكي لـ9 مارس 2011، كما فتح الدستور الجديد آفاقا واعدة لهذه الإصلاحات، وظلت خطب الملك تشكل جرعات منعشة لهذا المنعطف  كان أخرها خطاب العرش لسنة 2016، حيث  ذكر فيه الملك الأحزاب "بكونه هو الساهر على احترام الدستور وحسن سير المؤسسات وعلى صيانة الإختيار الديمقراطي". كما أضاف "لا تفوتني أن أنبه لبعض التصرفات والتجاوزات الخطيرة التي تعرفها فترة الإنتخابات والتي يتعين محاربتها ومعاقبة مرتكبيها. ويقول أيضا "كفى من الركوب على الوطن لتصفية حسابات شخصية أو لتحقيق أغراض حزبية ضيقة". المرحلة الجديدة إذن قوامها البرامج وليس التنابز، ولعل أهم شكل للتنابز الحالي بين الأحزاب أو قطبي الأغلبية والمعارضة هو مفهوم "التحكم" الذي تتراشق الأحزاب به بعضها البعض. هل هو فقط  ممارسة تسلطية تسعى إلى السطو على القرار السياسي؟ ومن يقف وراء هذا التسلط؟. لقد دخل هذا المفهوم  القاموس السياسي المغربي الحديث من دون حتى تعريف مضبوط له ولمحتواه ليبقى لغزه في سره. "أنفاس بريس" ناقشت التباس مفهوم "التحكم" هذا مع الدكتور محمد الغالي، أستاذ العلوم السياسية بكلية الحقوق مراكش، وأعدت  الورقة التالية:

أشار الدكتور محمد الغالي بداية بأن هنالك من يرى وجود مؤشرات تسير في اتجاه القول كون حزب العدالة والتنمية يريد أن "يتحكم" ويهيمن ويسيطر، بينما ينظر "المصباح" من جهته إلى الأطراف الأخرى بأنها هي التي "تتحكم" و لا تترك له المجال لكي يمارس دوره، على اعتبار أنه الحزب الأغلبي. لكن الإشكال المطروح في المسألة والذي ينبغي أن تنتبه له جميع الأطراف هو فقدان "بوصلة التحكم".

فالتحكم، يقول الدكتور الغالي، كان دائما موجودا، وظل السؤال القائم بحدة في من يملك بوصلته؟. كما أن النظام الدستوري والسياسي المغربي له بوصلته، ولكن لا أحد يستطيع أن يأخذدها، ما يجعلنا نؤكد أن مشكل التحكم الموجود أصلا يكمن في فقدان هذه البوصلة التي وضعها دستور2011، وحدد قواعد اللعب بها. وبالتالي، فالإتهام والإتهام المضاد فيه هو من قبيل التجني على الدستور، لأن هذا الأخير وضع كل الآليات التي تضمن بأن يكون النظام المغربي نظاما تعدديا متنوعا ومتوازنا.

وفي هذا السياق، يعتقد الدكتور الغالي، بأنه يسود نوع من الأنانية لدى الأحزاب. وهذه الأنانية، بحسبه، هي التي تنتج عنها هذه الإتهامات المتبادلة وعدم الإيمان والإعتراف باآخر. ويضيف الغالي: "انطلاقا من وجهة نظري وتتبعي لما يجري، فهذه الممارسات كيفما كانت والخطاب والخطاب المضاد والتنابز الذي نعيشه اليوم في الحقل السياسي. كل ذلك فيه تشكيك بالمكاسب التي جاء بها الدستور 2011. وهذه من مسؤولية كافة الأطراف، ولا أقول بأن الدستور الجديد أعطانا الإستثناء المغربي. لأن المغرب ليس استثناء، فقد عرف الإنتخابات باستمرار، وكان يشهد الصراع السياسي كذلك".

إنما الإشكالية اليوم، يستدرك الدكتور الغالي، تتمثل في أننا صرنا  نبتعد عن الصراع السياسي وحولناه إلى صراع سياسوي عبر محاولة من هنا ومحاولة من هناك من أجل إثبات ذات مفقودة، "وأتذكر اللحظة  أن المرحوم الحسن الثاني في خطاب بمناسبة دورة المجلس الجهوي للمنطقة الوسطى سنة 1984 قال خلاله "أن المغرب فيه التنوع والتعدد"، وسرد عدة مميزات أخرى كما في إقراره بأن: "أحسن نموذج تدبيري هو النموذج الألماني".

ومعنى هذا، يحلل أستاذ العلوم السياسية، أنه ينبغي أن نعمل على إيجاد صيغة تعترف بالجميع دون إقصاء لأحد، وأن الناس مخطئون عندما يظنون بأن العدالة والتنمية يمكنها أن " تتحكم"، ﻷن هذا الحزب لا يملك جميع مفاتيح التحكم. وهذه من ميزات النظام السياسي والدستوري المغريي. وبالتالي تخوف الآخر منه فيه نوع من الضعف، لأن هذا الآخر يعبر عن عدم قدرته على الإشتغال على الفرص الأخرى التي يمنحها له الدستور.

ويردف الدكتور الغالي مستخلصا: "صحيح ربما الدستور أعطى للعدالة والتنمية استغلال الفرصة في صناديق الإقتراع لأنه الحزب الأكثر تأطيرا والحزب الذي أثبت بأن له القدرة على الضبط والتحكم في قواعده وهذه هي قوة حزب البيجيدي. وهي أيضا نقطة الضعف عند الأحزاب الأخرى، وقوة البيجيدي إذن ليست في نموذجه، وهذا ما يجب فهمه جيدا".