شتان بين الأمس واليوم!!...شتان بين 2011 و2016!!...شتان بين طبق البيصارة وأطباق السمك الفاخر التي تضمنت "الكروفيت رويال وتوابعه" الذي يحلم المغاربة البسطاء بالتقاط صورة معه فقط، حيث يبلغ سعر الكيلوغرام الواحد حوالي 800 درهم. الوزير نجيب بوليف يقدم الدليل للمغاربة أن صحن "البيصارة" الذي تحلق حوله وزراء الحكومة الملتحية قبل ساعات من تنصيبهم ليس سوى صورة "فوطوشوب".. نوع من عمليات التجميل التي تقوم بها النساء قبل الخروج إلى أي عرس أو سهرة. حتى الفوطوشوب في عالم المعلوميات أداة لتجميل القبيح وإخفاء عيوب الصورة الحقيقية. الصورة الحقيقية لوزراء البيجيدي هي التي ظهرت في حفل زفاف ابنة نجيب بوليف، بجلاليبهم البيضاء الفاخرة ولحاهم "المشذبة" وهم يتبادلون القهقهات. إنهم لا يختلفون عن العوائل الحزبية الأخرى، ولم تخف قهقهاتهم "الناب الأزرق" الذي يتقاسمه معظم السياسيين. حتى الجلباب الأبيض واللحية وسمنة الوجه وأثر نعمة الحكومة التي بدت حتى على حفلات زفافهم الأرستقراطية فضحت تمثيلهم الرديء وسماحة محياهم.
أول مرة أعرف أن بنكيران يموت على الكافيار والكروفيت روايال والأكباش المشوية. الأنفاس الأخيرة من حكومة "الملتحين" يتوجها بوليف، الوزير الذي أجهز على صندوق المقاصة، بحفل زفاف أسطوري تقول الأنباء المتداولة بأنه فاق ميزانية 300 مليون سنتيم، وتسيده طبق "الكروفيت رويال" الذي يصل ثمن الطبق الواحد منه في الأعراس إلى 7000 درهم.
الحفل الأسطوري الذي أقامه بوليف لابنته بإحدى القاعات الخاصة بطنجة لا ينفي أن هؤلاء القوم جاؤوا ليقطعوا "النعمة" على المغاربة ويرهبونهم بإفلاس صناديق تقاعدهم، وحذف صندوق المقاصة، ومحاربة الدعم الذي كانت تقدمه الحكومات السابقة للمغاربة للتغلب على غلاء المعيشة، ويلهبون الأسعار، ويرمون المغاربة في "محرقة" الغلاء.
عرس بوليف الذي اجتمعت فيه كل "قيادات البيجيدي" يعري عورة السماحة والطهارة والنبل التي كان يتدثر بها هذا الحزب. إذ ما يمنع نجيب بوليف الذي يقدم الخطب العصماء عن فوائد التقشف أن يقيم حفلا روحانيا على مقاس الشعار الذي يدعو إليه الإسلام "إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين".. حفلا مغربيا بسيطا لا يعكس كل هذه البهرجة والترف والبذخ، لماذا اومأ لكتائبه لتسويق صور حفل ابنته واستفزاز عموم الشعب الذي يفكر في محنة الديون (ديون رمضان والعطلة والدخول المدرسي القادم)، لأن كل كشافات الضوء مسلطة الآن على قياديي البيجيدي، لاسيما ونحن في زمن انتخابي، ويحسب على أي وزير في الحكومة أو برلماني أو منتخب شكل الوليمة وأنواع الطبخ التي قدمها لضيوفه ولو كان حفل "عقيقة" أو ختان".
بين طبق "البيصارة" وصحن "الكروفيت رويال" الذي يشبه صحنا طائرا من كوكب لا يعرفه الفقراء، جرت الكثير من الأحداث والقرارات الجائرة والزيادات في الأسعار الظالمة والقوانين اللاشعبية للحكومة الملتحية.
"البيصارة" كانت تسويقا شعبويا انتهازيا استغلاليا لمشاعر المغاربة الذين كان يروا في حكومة الملتحين حكومة الخلاص من "الميزيرية"، لكنهم أكدوا العكس وهم يجهزون على كل مكتسبات الحكومات السابقة، ليأتي بوليف كي يقص شعرة معاوية ويتحلق مع "إخوانه" بجلاليب بيضاء حول صحن "الكروفيت رويال" الذي لا يعرف مذاقه جل المغاربة ولا يشاهدونه إلا في القناة الوثائقية "ناشيونال جيوغرافي" حول عوالم المحيطات والقشريات وقروش البحر والحيتان والدلافين والسرطانات. لا يعلم المغاربة أن الفرجة الحقيقية و"السرطانات" و"القروش" و"القشريات" توجد في أعماق ومحيطات حزب الملتحين. ولعل صورة المليادير سمير عبد المولى، القيادي في حزب العدالة والتنمية بجهة طنجة، باللحية الكثة، وهو الذي كان صاحب وجه أجرد وأملط، تختزل معلومة أن الدين تحول مع البيجيدي إلى تجارة، واللحية تحولت إلى شعار سياسي أكثر منه إلى وقار!!
فلا تصدقوا أي "لحية" تطرق أبوابكم أيها المغاربة في الحملة الانتخابية لاستحقاقات 7 أكتوبر.. إنها لحية "مصطنعة" مغموسة في زيت الكافيار ومن قشور الكروفيت رويال ودهون ضلوع الغنمي المشوي!!
من زمن " البصارة" إلى زمن " الكروفيت روايال"... و لله في خلقه شؤون