Sunday 11 May 2025
سياسة

خصوصياتنا الدينية المغربية تُخترق..أين علماؤنا الأجلاء ؟

خصوصياتنا الدينية المغربية تُخترق..أين علماؤنا الأجلاء ؟

هناك حملات منظمة وهجوم عنيف من بعض المتفيقهين وأنصاف المتعلمين وعبر أدوات التواصل اﻹجتماعي كالفايسبوك وتويتر والواتساب، والمواعظ والخطب والدروس داخل البيوتات السرية المظلمة، وفي بعض اﻷحيان على منابر مساجدنا الرسمية ومدرجات الكليات الدينة والشرعية ، تصب جل هذه الحملات تارة بالطعن في التراث الفقهي المالكي والتصوف السني الجنيدي، وتارة أخرى بتشكيك الشباب المغاربة في عقيدتهم اﻷشعرية السنية، بدعوى أن اﻷشعرية فرقة ضالة مضلة وﻻ تنتمي ﻷهل السنة والجماعة.

والطامة الكبرى هي عندما نعلم أن هناك بعض الأئمة والعلماء والمشايخ ورؤساء المجالس العلمية وأساتذة كبار في الكليات والجامعات انخرطوا في هذا التيار السلبي الجارف! لم يلتزموا الحياد – وهذا أضعف اﻹيمان- وإنما قاموا بمساندة هذا الطرح والتوجهات الفكرية العقيمة، والتي تتناقض بالكلية مع الخصوصيات الدينية والهوية الثقافية والحضارية للمغاربة المتجلية في العقيدة الأشعرية وفقه مالك وطريقة الجنيد السالك..نسوق هذا الكلام ﻻرتباطي الوثيق بالشباب المغربي المتدين عبر حسابي الخاص في “الفايسبوك” والذي أعجب به ما يزيد عن 50 ألف ونيف، من جهة، ومن جهة أخرى كمتتبع للحقل الديني في العالم الإسلامي عامة والمغربي خاصة، مما يحعلني في حوارات دائمة مع الشباب المسلم في الداخل والخارج، ولهذا قبل أسابيع تحاورت مع أحد اﻹخوة من مدينة طنجة، ومن خلال التحدث معه قال لي: هل اﻷشاعرة كفار؟ فقلت له ومن أنبأك هذا؟ قال لي اقرأ هذا النص: يقول خالد بن علي المرضي الغامدي في مقدمة كتابه والذي خصصه لتكفير اﻷشاعرة: “فهذا كتاب في تكفير الأشاعرة الجهمية وبيان قول أهل العلم فيهم وتحقيق إجماع السلف على كفرهم والرد على من زعم خلاف ذلك، كما وفيه بيان أن من أنكر صفات الله العقلية التي لا تقوم ربوبيته ولا تصح ألوهيته إلا بها كالعلم والقدرة والعلو والكلام والسمع والبصر ونحوها كافر لا يعذر بجهل أو تأويل، وعليه فمن علم منه عبادة غير الله كدعاء الأموات والحكم بغير ما أنزل الله أو إنكار ربوبية الله أو صفاته التي لا يكون الله تعالى ربا إلا بها والتي هي من لوازم ألوهيته وربوبيته فإنه يحكم بكفره ولا يعذر بجهله وتأوله ومن مات على هذه العقيدة فهو مشرك لا يترحم عليه.أدعو من يخالف في المسألة إلى التبصر في الأدلة والاقتداء بمنهج السلف في تكفيرهم. الحق الذي لا مرية فيه أن الأشاعرة جهمية والجهمية كفار غير مسلمين، وأن المشرك الجاهل بالتوحيد منكر صفات الربوبية والألوهية لا يسمى مسلما ولو كان جاهلا او متأولاً، وهذا مما لا خلاف فيه بين أهل السنة، ومن خالف في هذه المسألة فلا اعتبار بخلافه لأنه يعد ناقضا للإجماع، والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله ”.

وفي نفس اليوم من الحوار مع هذا الشاب، وعندما انتهينا من صلاة الجمعة في احدى المساجد بتطوان، وبعد السلام نظر إلي أحد الإخوة -كان بجواري في الصلاة- نظرات فيها أكثر من علامات استفهام، فقال لي: هل أنت مغربي؟ قلت له نعم، قال لي ظننتك غير مغربي؛ ﻷنك كنت تصلي بالسدل، ونحن أهل المغرب نصلي بالقبض، فقلت له هذا غير صحيح؛ بل بالعكس تماما فنحن أهل المغرب ومنذ دخول المذهب المالكي إلى هذه البلاد ونحن نصلي بالسدل في جميع صلواتنا؛ لكن لما اخترق التدين المغربي وحورب جهارا نهارا من قبل متفيقهين؛ مع السكوت التام للفقهاء والعلماء وأئمة المساجد ورؤساء المجالس العلمية والمؤسسات التي خول لها الحفاظ على هويتنا الوطنية وخصوصياتنا الدينية، أصبحت الصلاة سدﻻ في معقل المذهب المالكي صلاة غريبة وتطرح على صاحبها أكثر من علامات استفهام؛ مع أن الراجح عند اﻹمام مالك وسادتنا المالكية إرسال اليدين في الصلاة، فقد جاء في حديث أبي حميد الساعدي في السنن والمسند، قال: "كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا قام إلى الصلاة كبر ثم رفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه، ويقر كل عضو منه في موضعه ..." فإذا كان كل عضو يقر في موضعه فالأصل أن موضع اليدين إرسالهما على الفخذين..ومن أدلتهم كذلك حديث المسيء صلاته، فالنبي صلى الله عليه وسلم في تعليمه صفة الصلاة لخلاد بن رافع لم يعلمه القبض، ثم إن السدل كان عمل أهل المدينة، وهذا أصل رئيس عند المالكية، كما أن السدل هو رواية ابن القاسم رحمه الله في المدونة عن الإمام مالك، ورواية ابن القاسم في المدونة مقدمة في المذهب على كل الروايات الأخرى.

لهذا أتساءل وبألم عميق: أين علماء المغرب، ورؤساء المجالس العلمية  وآﻻف مؤلفة من أئمة المساجد وخطباء المنابر، وجحافل من المرشدين والمرشدات في ربوع مملكتنا الحبيبة؟ أين هؤﻻء جميعا وشبابنا يساقون كالخرفان إلى فكر التكفير واﻹرهاب والتطرف، وإلى ساحات الشر والخراب والدمار والعنف؟! كما يتم إبعادهم عن ثقافتهم الوطنية، وتدينهم المغربي الفطري الجميل، الذي ﻻ تنطع فيه وﻻ تعقيد، المبني على التيسير ﻻ التعسير، مصداقا لقول الجليل:  "يريد الله بكم اليسر وﻻ يريد بكم العسر". 

أين أنتم يا علماء المذهب المالكي ومذهبكم يخترق في عقر داركم، من قبل متفيقهين ليس لهم من الفقه والعلم إلا العويل والتكفير ؟ أفيدونا رحمكم الله وجزاكم الله عنا كل خير، هل الأشاعرة  كفار؟ وهل الصلاة بالسدل حرام ؟.