لا جدال في كون أعمال الاختراق العدواني الذي تقوم بها ميليشيات البوليساريو المسلحة على الأراضي المغربية المنزوعة السلاح تشكل أعمالا مؤدية للحرب cassus Belli.
بلغة الجيواستراتيجيا الحربية و عوامل القوة الشاملة، لن تكون مهمة الجيش المغربي في مواجهة هذا العدوان بالغة الصعوبة من أجل تحقيق نصر سريع، و ذلك عبر اللجوء إلى استراتيجية الحرب الخاطفة مع تفادي الوقوع في تعقيدات الحرب الطويلة الأمد.
يستند هذا الطرح إلى عدة معطيات جيوسياسية و عسكرية و اقتصادية و تكنولوجية بالإضافة إلى عناصر أخرى غير مادية.
- العمق الجغرافي الاستراتيجي: يتوفر المغرب على عمق جغرافي و استراتيجي محاط بجدار أمني متطور يعد أكبر حاجز عسكري قيد الاستخدام في العالم، و هو مزود بأحدث رادارات المراقبة و أجهزة الاستشعار عن بعد.
تتيح هذه المعطيات للمغرب سهولة تضييق الخناق و فرض هامش حركة ضيق على كتائب العدو المتمركزة في نقاط تجمعاتهم الحربية على الشريط العازل.
البوليساريو لا يملك القدرة البشرية و العسكرية و التكنولوجية التي تمكنه من تغطية و تحصين أكثر من بضع مواقع قليلة شرق الجدار الأمني، كما أن طبيعة السطح الصحراوي المفتوح و المنكشف و الخالي من البنية التضاريسية يزيد من تضييق جبهة الحرب على المليشيات الانفصالية، و يمنح للقوات المسلحة الجوية ميزة حاسمة في مواجهة تنقلاتهم و تجمعاتهم العسكرية.
ـ في خلفية النزاع تتواجد بعض المعطيات الاقتصادية: تحاول الجزائر في المرحلة الراهنة توظيف جبهة البوليساريو كأداة للتشويش على دينامية التعاون القوية التي تطبع العلاقات الاقتصادية للمغرب مع دول جنوب الصحراء عبر طرق التجارة و شبكات الاستثمار و مسار الاندماج في العمق الاستراتيجي الافريقي. تبرز إذن من خلال تحركات البوليساريو الأخيرة الدواعي الاقتصادية غير المعلنة و المؤثرة في طبيعة النزاع و آفاق حله.
ـ البعد الأمني و الجيوسياسي: الدور الضامن للتوازن و الاستقرار الذي أصبح يلعبه المغرب على رقعة الشطرنج الإقليمية الممتدة من منطقة الساحل إلى أوروبا مرورا بحوض المتوسط يمنحه أهمية استراتيجية بالغة و أوراق تأثير قوية على المستوى الاقليمي و القاري، و بالخصوص في ظل تفسخ بنية الدولة في منطقة الصحراء والساحل و المخاطر الأمنية الكبرى التي تهدد استقرار المنطقة برمتها.
ـ معطى القدرة العسكرية: و يتضح هنا أن ميزان القوة سيشكل عاملا حاسما في تطبيق نظرية الضربة القاضية و الرادعة لتحقيق هدف استراتيجي واضح و هو إنهاء كل مظاهر تواجد الميليشيات الانفصالية على الأراضي المغربية طول الشريط العازل.
يتمتع الجيش المغربي بمقومات و قدرات تؤهله لربح رهان الحرب الخاطفة بالاعتماد على استراتيجية عسكرية هجومية. و يكفي أن نشير هنا إلى حجم القوات المسلحة و مستوى القدرة القتالية و الخبرة و درجة الفعالية و الأفضلية التكنولوجية للمنظومة التسليحية لدى الجيش المغربي.
ـ الدفاع عن السيادة و الروح الوطنية: قضية الصحراء قضية مصيرية لمستقبل المملكة المغربية لأن الأمر يتعلق بجذوره التاريخية التي تصله بافريقيا، و من شأن الإجماع الوطني حول مشروعية الدفاع عن الوحدة الترابية الرفع من الروح المعنوية للدولة و للجيش و من نفسية الجماهير و هي عوامل لا يستهان به في لحظات إعداد النفس للدفاع عن حوزة الوطن.