الجمعة 19 إبريل 2024
كتاب الرأي

رضا الفلاح:الحرب المحتملة على ضوء عناصر الجيواستراتيجيا و عوامل القوة الشاملة

رضا الفلاح:الحرب المحتملة على ضوء عناصر الجيواستراتيجيا و عوامل القوة الشاملة رضا الفلاح
لا جدال في كون أعمال الاختراق العدواني الذي تقوم بها ميليشيات البوليساريو المسلحة على الأراضي المغربية المنزوعة السلاح تشكل أعمالا مؤدية للحرب cassus Belli.
بلغة الجيواستراتيجيا الحربية و عوامل القوة الشاملة، لن تكون مهمة الجيش المغربي في مواجهة هذا العدوان بالغة الصعوبة من أجل تحقيق نصر سريع، و ذلك عبر اللجوء إلى استراتيجية الحرب الخاطفة مع تفادي الوقوع في تعقيدات الحرب الطويلة الأمد.
يستند هذا الطرح إلى عدة معطيات جيوسياسية و عسكرية و اقتصادية و تكنولوجية بالإضافة إلى عناصر أخرى غير مادية.
- العمق الجغرافي الاستراتيجي: يتوفر المغرب على عمق جغرافي و استراتيجي محاط بجدار أمني متطور يعد أكبر حاجز عسكري قيد الاستخدام في العالم، و هو مزود بأحدث رادارات المراقبة و أجهزة الاستشعار عن بعد.
تتيح هذه المعطيات للمغرب سهولة تضييق الخناق و فرض هامش حركة ضيق على كتائب العدو المتمركزة في نقاط تجمعاتهم الحربية على الشريط العازل.
البوليساريو لا يملك القدرة البشرية و العسكرية و التكنولوجية التي تمكنه من تغطية و تحصين أكثر من بضع مواقع قليلة شرق الجدار الأمني، كما أن طبيعة السطح الصحراوي المفتوح و المنكشف و الخالي من البنية التضاريسية يزيد من تضييق جبهة الحرب على المليشيات الانفصالية، و يمنح للقوات المسلحة الجوية ميزة حاسمة في مواجهة تنقلاتهم و تجمعاتهم العسكرية.
ـ في خلفية النزاع تتواجد بعض المعطيات الاقتصادية: تحاول الجزائر في المرحلة الراهنة توظيف جبهة البوليساريو كأداة للتشويش على دينامية التعاون القوية التي تطبع العلاقات الاقتصادية للمغرب مع دول جنوب الصحراء عبر طرق التجارة و شبكات الاستثمار و مسار الاندماج في العمق الاستراتيجي الافريقي. تبرز إذن من خلال تحركات البوليساريو الأخيرة الدواعي الاقتصادية غير المعلنة و المؤثرة في طبيعة النزاع و آفاق حله.
ـ البعد الأمني و الجيوسياسي: الدور الضامن للتوازن و الاستقرار الذي أصبح يلعبه المغرب على رقعة الشطرنج الإقليمية الممتدة من منطقة الساحل إلى أوروبا مرورا بحوض المتوسط يمنحه أهمية استراتيجية بالغة و أوراق تأثير قوية على المستوى الاقليمي و القاري، و بالخصوص في ظل تفسخ بنية الدولة في منطقة الصحراء والساحل و المخاطر الأمنية الكبرى التي تهدد استقرار المنطقة برمتها.
ـ معطى القدرة العسكرية: و يتضح هنا أن ميزان القوة سيشكل عاملا حاسما في تطبيق نظرية الضربة القاضية و الرادعة لتحقيق هدف استراتيجي واضح و هو إنهاء كل مظاهر تواجد الميليشيات الانفصالية على الأراضي المغربية طول الشريط العازل.
يتمتع الجيش المغربي بمقومات و قدرات تؤهله لربح رهان الحرب الخاطفة بالاعتماد على استراتيجية عسكرية هجومية. و يكفي أن نشير هنا إلى حجم القوات المسلحة و مستوى القدرة القتالية و الخبرة و درجة الفعالية و الأفضلية التكنولوجية للمنظومة التسليحية لدى الجيش المغربي.
ـ الدفاع عن السيادة و الروح الوطنية: قضية الصحراء قضية مصيرية لمستقبل المملكة المغربية لأن الأمر يتعلق بجذوره التاريخية التي تصله بافريقيا، و من شأن الإجماع الوطني حول مشروعية الدفاع عن الوحدة الترابية الرفع من الروح المعنوية للدولة و للجيش و من نفسية الجماهير و هي عوامل لا يستهان به في لحظات إعداد النفس للدفاع عن حوزة الوطن.