Sunday 11 May 2025
سياسة

"أنفاس بريس" تواصل استفسار النخب عن قراءتها للمشهد السياسي في أفق الإنتخابات

"أنفاس بريس" تواصل استفسار النخب عن قراءتها للمشهد السياسي في أفق الإنتخابات

على إثر انتهاء أجل تقديم طلبات القيد ونقل القيد باللوائح الإنتخابية، يوم الإثنين 8 غشت 2016، بلغ العدد الإجمالي للطلبات المقدمة حوالي نصف مليون طلب 60 % من الطلبات سجلت بالوسط الحضري و40 % بالوسط القروي، كما بلغت نسبة الأشخاص المقيدين الجدد الذين تقل أعمارهم عن 35 سنة حوالي 60 %. هذا وإذا كانت نسبة المشاركة في الإنتخابات الجماعية والجهوية لـ4 شتنبر2015 قد بلغت 67،53 %، فإن الرهان على ارتفاع نسبة المشاركة مطروح بقوة خاصة بعد خطاب العرش الأخير، وذلك لتاكيد مدى اهتمام المواطنين بتدبير الشؤون العامة على صعيد التراب الوطني، خاصة وقد كان الخطاب الملكي واضحا في دعوة الأحزاب السياسية إلى الدفاع عن مشروعها السياسي والإقتصادي والإجتماعي بعيدا عن لغة الخشب المغلفة بالسب والتنابز. "أنفاس بريس" في الخلاصة التالية تواصل نشر سلسلة اتصالاتها مع بعض النخب التي أجرتها من أجل استقراء تخميناتهم حول التطورات والمستجدات في أفق الإستحقاقات التشريعية المقبلة على مستوى نسب المشاركة وبرامج وحظوظ الأحزاب.

بالنسبة لطارق جداد، الناشط الجمعوي بسطات، يعتبر أن استحقاقات 07 أكتوبر 2016 المحطة الإنتخابية الثانية في ظل الدستور الجديد، وبذلك فهي محطة جد مهمة لاستكمال التنزيل الديمقراطي للدستور من خلال القوانين والمؤسسات الدستورية لاستشراف مستقبل الأمة مجتمعيا وقانونيا ومؤسساتيا. ويرى أن هذه المحطة يتم التعامل معها من قبل جل الأحزاب السياسية كغيرها من المحطات السابقة... كما أنه، ومن خلال الإنتخابات الجماعية الأخيرة، اتضح جليا أن الفوز بالإنتخابات لا يبرز قوة حزب وشعبيته بقدر ما يبرز ضعف الأحزاب الأخرى وغيابها وضعف تنظيمها... وهي أمور ترتبط كذلك بقدرة الأحزاب على إنتاج نخب جديدة قادرة على استيعاب حساسية وأهمية المرحلة المقبلة وإعطاء مصداقية للبرامج الحزبية. وهنا يجب التذكير بالإختلال الحاصل على مستوى البرامج وتطبيقها في المحطة التشريعية التي نودعها.. حيث أن هناك أحزاب قدمت برامج غير واقعية و استمالت بها أصوات الناخبين .. إلا أنها لم تحقق أي من وعودها الإنتخابية.. وهذه التصرفات قد تؤثر في نسبة المشاركة التي يمكن أن تكون أكثر من 2011 لأن المواطنات والمواطنين استشعروا أهمية الإنتخابات وتبعات اختياراتهم وهو الأمر الذي يوضحه عدد المسجلات والمسجلين الجدد في اللوائح الإنتخابية. غير أن هذه النسبة يمكن أن تكون أكبر لو اعتمدت البطاقة الوطنية في التصويت بدلا من بطاقة الناخب ومساطر التسجيل وإعادة التسجيل.

ويؤكد جداد أن المنافسة الحزبية الآن هي بين المشروع الديمقراطي الحداثي مجتمعيا واقتصاديا بزعامة حزب الأصالة والمعاصرة من جهة، والمشروع التقليداني بقيادة حزب العدالة والتنمية. وهو ما سيجعل المغرب واختياره الديمقراطي اكبر الفائزين لأننا بدأنا الدخول في الثنائية ليست الحزبية ولكن في المشروع المجتمعي والاقتصادي كخطوة أولى... فالتباين الحاصل بين الحزبين في مجموعة من القوانين (قانون التقاعد نموذجا) هو دليل على وجود رؤيتين مختلفتين في تدبير السياسات العمومية من حيث الأولويات والأهداف.

من جهته، يعتقد صافي الدين البدالي، العضو بالكتابة الوطنية لحزب الطليعة، بأن الإنتخابات التشريعية المقبلة لن تعرف أي تغيير جوهري على مستوى الممارسة السياسية من طرف الأحزاب أو على مستوى الخريطة السياسية التي تتحكم في لمساتها القبلية  البعدية وزارة الداخلية، مما يجعل أن نسبة المشاركة لن تحصل على أي تقدم بالمقارنة مع انتخابات 2011 والتي لم تتجاوز 40 ,45 في المائة أو بالنسبة للانتخابات الجماعية في 2015 والتي لم تتجاوز 53.76 في المائة وذلك لعدة أسباب ذكر منها البدالي:

1 ـ فشل الحكومة في تخليق الحياة العامة ومحاربة الفساد نهب المال العام واقتصاد الريع و الرشوة، 

2 ـ الميوعة على مستوى الخطاب السياسي بين الأغلبية  والمعارضة،

3 ـ استمرار مظاهر البطالة وارتفاع نسبة العاطلين عن العمل من حاملي الشهادات،

4 ـ  ارتفاع الأسعار المؤدي إلى تضييق الخناق على الطبقة  الفقيرة التي راهنت على المرحلة لتحسين ظروف عيشها، وإلى  تضييق الخناق على الطبقة الوسطى التي لها دور حاسم في الفعل السياسي.

أما على مستوى البرامج، فيرى أن أغلب الأحزاب فهي استنساخ لنفس الشعارات التي لا تطبق عند فوزها، والدليل على ذلك يسوقه البدالي في السؤال التالي: هل حارب حزب "المصباح" الفساد والرشوة و نهب المال العام كما توعد بذلك؟!

أما الفاعل النقابي، عضو الـ"ك.د.ش" بخنيفرة محمد بوتخساين، فأشار في البداية أنه في سياق وطني يتسم باستمرار أزمة السياسة بتداعياتها الخطيرة على الشعب المغربي خصوصا بعد الإنتخابات التشريعية التي أتت بعد الدستور السادس للمملكة، تستعد الأحزاب المغربية مرة أخرى لهذه الاستحقاقات المقررة يوم 7 أكتوبر 2016، في ظل فشل التحالف الحكومي الحالي بقيادة "البيجيدي" الذي أثبت تواطؤه مع المراكز الإمبريالية عبر مؤسساته المالية في ضرب كل المكتسبات على جميع المستويات منها، الإصلاح الخادع لصندوق المقاصة الذي ضرب كل التوازنات في العمق بين الأبعاد الاجتماعية والإقتصادية والمالية فترجم مباشرة إلى ارتفاعات متتالية في المواد المعيشية الأساسية، وإغلاق باب التوظيف أمام فقراء المغرب بإقرار قانون التعاقد، الذي مس تقاعد عموم الأجراء بانتهاج سياسة أمر الواقع دون تحميل المسؤول عن اختلالات صناديق التقاعد أية تبعات قانونية، وكذلك التراجع عن مجانية الولوج إلى الخدمات الصحية بعدم التوازن بين الطاقم البشري الصحي و تعداد الساكنة.

وأضاف بوتخساين أن خمس سنوات من ممارسة الحكومة وتصريحات رئيسها كشفت على أن شعارات الحملة الانتخابية لا علاقة لها بالإجراءات الملموسة، كما كشفت في نفس الوقت على أن التوجهات المخزنية هي التي يجري تنفيذها على أرض الواقع، بل حرص رئيس الحكومة على عدم استغلال الهامش الذي يتيحه له الدستور وتفادى كل احتكاك بلوبيات الفساد بل قام بالتطبيع معها بقولته الشهيرة "عفا الله عما سلف".

ويرى الناشط النقابي من جهة أخرى، أن رأي المواطن يتسم بخوف وقلق من تأمين حياة أفضل في المستقبل نظرا لارتفاع الأسعار وتراجع الخدمات الاجتماعية واستمرار مسلسل الفساد وتدني القطاعات الحيوية كالتعليم والصحة... وما إلى ذلك من التصدعات الأخرى التي تهدد سكينة النفوس وسلامة الأجساد جراء تزايد عدد المفسدين والمنحرفين والمجرمين، مضيفا أن المواطن الذي يبحث عن بديل المقاطعة التي لم تجد نفعا بل كرست الأزمة في أبعادها المتعددة، فلا حزب الأصالة والمعاصرة الذي خرج من رحم الدولة سيتمكن من  كسب ثقة الشعب و لا حزب "المصباح" الذي كشفت "عوامل التعرية السياسية" عن توجهاته اللاشعبية غير المسبوقة ولا الأحزاب التقليدية التي تتسابق لضمان مقاعد ليس إلا. فهل ستتمكن فيدرالية اليسار الديمقراطي من إثبات ذاتها بعد تشخيصها الموضوعي للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، خصوصا بعد خرجات الأمناء الثلاثة لمكوناتها المعبرة عن وعي وطموح كادحي وفقراء المغرب لتجاوز العبث الذي انتصر حسب قول الفقيد إدريس بنعلي؟.