لم يكن ترشح عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب البيجيدي، على رأس اللائحة الإنتخابية بدائرة سلا استعدادا للاستحقاقات التشريعية لـ 7 أكتوبر المقبل، مفاجئا لدى الكثير من المتتبعين، فهو كرئيس الحكومة المنتهية ولايتها بعد أسابيع قليلة؛ يطمح في الفوز بولاية جديدة؛ وقد عمل من أجل ذلك على تأجيل مؤتمر الحزب الذي كان مقررا في يونيو إلى ما بعد الانتخابات، وينشط حواريوه وخلايا الحزب "الفيسبوكية" في تلميع صورته كرجل المرحلة خاصة وقد اسندت له سلطة الإشراف على اللجنة المكلفة بالسهر على الإنتخابات رفقة وزير الداخلية ووزير العدل والحريات.
حول هذا الموضوع وتفاصيل أخرى، "أنفاس بريس" اتصلت بالدكتور عبد المالك أحزرير، أستاذ القانون العام بكلية الحقوق بمكناس وأجرت معه الحوار التالي:
بعض أنصار بنكيران من حزب العدالة والتنمية؛ يشبهونه بالزعيم السياسي، ومن أصحاب القامة الكبيرة؛ مثل بلافريج، والبكاي، وعبد الله ابراهيم، وعبد الرحمن اليوسفي، فكيف ترى هذا التشبيه؟
أعتقد بأنه لا قياس مع وجود الفارق فظرف البكاي أو عبد الله ابراهيم أو عبد الرحمن اليوسفي، ليس هو ظرف بنكيران ، فالبكاي؛ كان عبارة عن وزير بدون دستور، وشكل امتدادا للصدر الأعظم الذي كان بعد خروج فرنسا يمثل بداية الحداثة في النظام المغربي بعدما انتقل مفهوم السلطان إلى مفهوم الملك كما كان الصدر الأعظم بمثابة الوزير الأول و البكاي كان أقرب إلى المخزن منه إلى الدولة الحديثة، في حين أن عبد الله ابراهيم من صنف آخر، كان معروفا بنزاهته و رجل الديمقراطية بشكل كبير، ولم يكن يحب أن يسير في الفرجة الإنتخابية، كما جرت في عدة تجارب انتخابية في بلادنا منذ 1962 من القرن الماضي، وهو ما لم يقبله عبد الله ابراهيم فترك فيما بعد الجمل بما حمل،أما عبد الرحمن اليوسفي، فقد جاء في سياق الإنتقال الهادئ للسلطة في نهاية التسعينيات، وكان الملك المرحوم الحسن الثاني في حاجة إلى نوع من السلاسة في انتقال الحكم إلى ولي عهده آنذاك وهو الدور الذي لعبه اليوسفي رغم أن حكومة التناوب التي ترأسها كانت عليها مؤاخدات كذلك... وربما تتقاسم هي وحكومة بنكيران خيبة ألأمل في الطموحات التي يرغب فيها المواطنون الذين فقدوا القدرة الشرائية علاوة على الانحطاط في مجالات كثيرة في التعليم وقطاع الخدمات الخ ، إذن فهذا التشابه المروج له هو خطاب للإستهلاك الإعلامي لابراز "كاريزمة" معينة لبنكيران، ولكن بني على أسس غير عقلانية وواقعية.
ألا تعتقد بأن مروجي هذا التشابه يؤسسون،ذلك، على خطاب بنكيران الذي يبقى ظاهرة صوتية تطغى عليها الشعبوية ذات الطابع التنكيتي ؟
بطبيعة الحال فخطاب بنكيران هو للاستهلاك الإعلامي والاستهلاك الإنتخابوي أكثر ما هو عقلاني ونحن نعيش الزمن الإنتخابي وشيء عادي أن يلجأ القادة وزعماء الأحزاب لمثل هذا الخطاب لأنهم يريدون صنع الحدث وخلق اجندة سياسية تليق وتلاءم المغاربة ولكن تبقى أجندة نسقية، ثم لابد من الإشارة بأن خطاب بنكيران هو" خطاب سياسي بتامغريبيت " ويريد ان يتقرب إلى الرجل العادي والمغربي البسيط جدا عن طريق "النكتة المراكشية "لكن بنكيران الذي تجاوز الستينات لم يصب الهدف فيما يخص الإنجازات، وخاصة على مستوى انتظارات الشباب شباب الإنترنيت والتطور التكنولوجي وغيره الذي لم يعد يحتاج إلى اختزال الظاهرة السياسية في النكت والكلام الذي يسعى إلى الإضحاك.
لكن في نظرك حزب المصباح، هل يفتقر إلى قياديين أكثر إقناعا وأبعد من السفسطة الشعبوية،إذا صح التعبير، وخاصة بعد المصادقة على تأجيل مؤتمرهم الأخير الذي كان من المقرر انتخاب امين عام جديد إلى ما بعد الإنتخابات ؟
هذا، يدخل اعتقد في ثقافة المغاربة وهو ما يجري بالنسبة تقريبا لجميع الأحزاب السياسية ولا يخرج الزعيم إلا بعد موته ، وهو ملاحظ حتى في بعض الأحزاب التي تكون فيها الديمقراطية وتشتغل هياكلها حيث يبقى الزعيم في القيادة حتى الموت والناس تصفق له من القاعدة ومن لجان الحزب ، هذه ثقافة لدى المغاربة وكأنهم لا يريدون أو يخافون من التغيير وربما علماء الإنتروبولجيا هم وحدهم من سيفسرون هذه الظاهرة "علاش المغاربة يبقاو شادين في نفس الثقافة في نفس الشخص ونفس الزعامات ، وبالتالي فبنكيران مثلا مادام على قيد الحياة فهو الذي يجسد العدالة والتنمية ومن الطبيعي إذن أن نجد عناصر داخل الحزب تدافع عن بنكيران وتضرب على وتر هذه الثقافة التي تجسد الحزب في شخص الزعيم، هي ثقافة معروفة عند أحرضان هند الخطيب عند عبد الرحيم بوعبيد وعند علال الفاسي ومحمد حسن الوزاني وظل انتاج هذه الثقافة في الأحزاب إلى يومنا هذا للأسف الشديد.