Sunday 11 May 2025
سياسة

الإمام للمسجد والحزب للسياسة..

الإمام للمسجد والحزب للسياسة..

ليس أخطر على الديمقراطية من استخدام الرموز والمشترك بين المغاربة. وكان جلالة الملك محمد السادس واضحا في خطاب العرش عندما قال إنه ينتمي لحزب المغرب وليس لحزب سياسي بعينيه وأنه ملك الذين يصوتون والذين لا يصوتون، حتى لا يتم استغلال اسم الملك في الانتخابات. لكن هناك رموز أخرى ومشترك آخر يخضع للتوظيف البئيس في السياسة، وخصوصا المشترك الديني والرموز الإسلامية.

التوجيه الذي توصل به القيمون الدينيون وخطباء المساجد، والذي يحثهم على ضرورة التزام الحياد وعدم الدعاية لأي حزب سياسي، كان ضروريا، حتى لا يستمر هذا الاستغلال البشع من قبل مرشحين في بعض المناطق وبشكل كثيف من قبل حزب العدالة والتنمية، إذ قامت الحركة الأم التوحيد والإصلاح باختراق المجالس العلمية وتسريب العديد من أعضائها للمجالس وهم اليوم رؤساء وخطباء

بالنسبة للخطباء الأمر واضح. يمكن للخطيب أن يستغل خطبة الجمعة للمز حزب سياسي وبالتالي الدعاية لحزب آخر، أو لما يقول الخطيب صوتوا على الذين يخافون الله، لأنها عبارة حق أريد بها باطل حيث يردد بنكيران ومن معه أنهم يخافون الله، أو أن يكون الخطيب صريحا ويقول إن التصويت على الحزب الفلاني هو مشاركة في الحرب على الإسلام فقط لأن زعيم الحزب قال إنه لا يخفي حربه على الإسلاميين.

هذه كلها عبارات يستغلها الخطباء لتوجيه الناخبين من أجل التصويت على حزب معين، وهذا ممنوع قانونيا، وقبيل الانتخابات التشريعية السابقة قام خطيب بمدينة القنيطرة بالتهكم على حزب سياسي لأنه رشح سيدة ظهر صدرها في صورة شهيرة، فقام له مناضل اتحادي، وهو فقيه بالمناسبة، وقال له أدعو إلى الله وليس لحزب سياسي فرد عليه، هذا لغو واللغو ممنوع أثناء الخطبة فقال له إن الحسن البصري، وهو من سادة المسلمين وجد الإمام يهرف فقال للناس "إلغوا إن الإمام يلغو".

ويتساءل كثيرون عن القيمين الدينيين باعتبار أنهم لا يخاطبون الناس وليس لهم منبر باعتبار مكلفين بإدارة المسجد. هؤلاء أخطر من الخطباء. الخطيب يلتقي الناس مرة في الأسبوع بينما القيم يلتقي الناس خمس مرات في اليوم، ويكفي أن يقف إلى جنب مرشح ليضمن أصوات عشرات المصلين وعائلاتهم.

المغرب واضح في الموضوع، لما يدخل الناس بيوتهم "كل واحد مسؤول أمام ضميره وقناعاته"، لما يتجلى "الديني" في الشأن العام فهو من اختصاص إمارة المؤمنين والإمامة العظمى ولهذا جعل الفتوى من اختصاص المجلس العلمي الأعلى حتى لا يختلط الحابل بالنابل.

لكن الحزب الذي ما انفطم من رضاعة "بزولة" أمه التوحيد والإصلاح، التي يسميها خبراء الخمس دقائق الأخيرة الجناح الدعوي، ما زال مصرا على استغلال ليس الدين فقط ولكن كل المشتغلين بالحقل الديني لأن فعلهم أكثر من الخطاب الإسلامي نظرا لما يمثلونه داخل المجتمع.

الأئمة والخطباء والقيمون الدينيون للمساجد والأحزاب للسياسة. فصل ضروري من أجل ديمقراطية حقيقية.