مرة أخرى يطل علينا أحمد العمراني،الخطيب والواعظ بطنجة، من منصة "هوية بريس"، بعنوان: "مواصلة جريدة "أنفاس بريس" تحريضها واستعداءها السافر لوزارة الأوقاف ضد بعض الخطباء.. أحمد العمراني نموذجا".
هكذا جعل من نفسه نموذجا، وهو يرد على مقالين نشرا بموقعنا مؤخرا، وإن كان في واقع الحال قد تجاهل الرد على المقال الثاني: "متى كان السب فضيلة في التأطير الديني؟".
ولعل مبعث هذا التجاهل إدراكه بان ذلك المقال يضعه في حكم مذكرة وزير الأوقاف حول "حياد المساجد والقائمين عليها في الإنتخابات التشريعية المقبلة"، وهو يقود حملة سابقة لأوانها لصالح بنكيران، وبالسب والقذف في حق منافسه زعيم "البام".
وتستوقفنا في مرافعة الخطيب أحمد العمراني عن نفسه، مسألة الاستمرار في قذف كاتب "أنفاس بريس"، فتارة يصفه بـ"الأفاك الأثيم"، وتارة بـ"الكاتب اللئيم "، وتارة أخرى بـ" الكاتب المغرور"..
وعلى أي حال فهو في هذه الإطالة أفضل حال من سابقتها، لما اعتبر أن "الكاتب شخص علماني يساري حاقد على كل ما هو إسلامي، وكل ما له علاقة بالإسلام من قريب أو بعيد". وتحاشى هذه المرة تذكير "أنفاس بريس"، بـ"توجهها العلماني اليساري المعادي لكل ما هو إسلامي!".
لكن يظهر أن "الكاتب الشبح"، كما وصفه هذه المرة - وليس بوصف المرة السابقة "الكاتب العلماني اليساري الجبان" - ما زال يؤرق الخطيب العمراني بقوله: "ولي اليقين أن هذا الرد سيزيد من سعار الكاتب اللئيم، الذي يعف لساني عن ذكر اسمه، لأنه نكرة لا يستحق الذكر".
وبالرغم من هذا المعجم البديء في التواصل مع المخالفين في الرأي، فقد عبر الخطيب العمراني، عن نيته مجددا في مقاضاة هذا الكاتب وجريدته "أنفاس بريس". وهذا مظهر من التخبط الفكري والنفسي لهذا الخطيب، والذي يقدح في أهليته للتأطير الديني للمواطنين.
يكفي هذا التوصيف لنرجىء حقنا في الرد، لننشغل بما هو أهم على طريق أولويات رسالتنا الإعلامية.
لذلك سنقف على جملة أمور في مرافعة الخطيب العمراني عن نفسه، ليس فقط لتطوير النقاش العمومي، بل أيضا لإنضاج الوعي الجماعي بضرورة وضع حد لنهج التجاهل المضطرد، للتنامي المضطرد للهيمنة الأصولية في الحقل الديني.
والبداية من تعميمه لتدوينات إسقاطه للحالة التركية على معادلة الصراع السياسي للحزب الحاكم مع الدولة والمجتمع، حيث بررها بقوله: "إننا نرى أنه إذا كانت هناك محاسبة للخطيب أوالواعظ، فلتكن على ما يقوله في الخطبة وفي دروس الوعظ. أما ما ينشر من تغريدات فإني أقول لك أيها الكاتب اللئيم بكلمة موجزة مختصرة: حاكي الكفر ليس بكافر. والتغريدة لا تعبر بالضرورة عن رأي من ينشرها، لو كنت تعقل وتفهم."
العمراني في بيته الآمن بالفضاء الأزرق، يسب بتعميماته السيسي والعمري والنظام والشعب، ويعرض بأمير المؤمنين وبالسيدة الأولى الأميرة للاسلمى، ويحرض ضد استقرار المغرب، ومع ذلك يعتبر أن حاكي الكفر ليس بكافر. ماذا يقول القانون في من يوفر الحماية في بيته للمبحوث عنهم كالإرهابيين، وللممنوعات كالأسلحة والمتفجرات؟ هل سيتحجج الجاني بأن حامي الإرهاب ليس بإرهابي؟
لا يمكن للخطيب العمراني التهرب من مختلف أوجه المسؤولية لتعميماته بالفضاء الأزرق. لكن استمرار تنطعه يشي بالأعطاب التي تعرفها إدارة الشؤون الإسلامية بطنجة، في تدبير هذا الملف.
ومع ذلك سنلفت عناية مهندسي السياسة الدينية بوزارة الأوقاف إلى معطى في غاية الأهمية، ويتمثل في كون الخطابة والوعظ لا تشكل في التأطير الأصولي إلا حلقة مدروسة الخطوات ضمن دوائر التأطير الأخرى، كالموقع الإلكتروني والفايسبوك والقناة الإلكترونية، بخلفية الخلية السرية.
من هنا لا يمكن السماح باستمداد المشروعية الدينية لدوائرهذا التأطير من خطة الخطابة والوعظ، أو جعل خطة الخطابة والوعظ امتدادا وظيفيا لدوائرهذا التأطير الأصولي.
ونتمنى ألا يخلف مهندسوهذه السياسة الدينية موعدهم مع مهام الحفاظ على سيادة مرجعية إمارة المؤمنين بمضامينها الحقة. أما موعدنا نحن مع الخطيب العمراني فلن نخلفه قطعا!
لن نخلفه، ما دامت جراب تدويناته مصرة على حكي الكفر!