الخميس 25 إبريل 2024
كتاب الرأي

عبد الإله ابعيصيص: وهمُ ردِ الدين

عبد الإله ابعيصيص: وهمُ ردِ الدين عبد الإله ابعيصيص

بعيدا عن منطق المؤامرة الذي يحاول الكثيرون تصوير توفيق بوعشرين كبطل للأبطال ومناضل مغوار لا يشق له غبار، وكأنه الوحيد الذي جاهد لنصرة البلاد والعباد، ومنهم عدد غير قليل من جمهور العدالة والتنمية. وبالأخص بعض حواريي بنكيران الذين هبوا عن بكرة أبيهم وجدهم لنصرة أخ لهم سقط بين يدي من لا يرحم. وبعيدا طبعا كل البعد عن منطق التشفي المرضي من المتهم، الذي من حقه كمواطن أن يتمتع بكل الضمانات القانونية للمحاكمة العادلة، لابد من التساؤل عن السر وراء السقطة الغبية التي سقطها صاحب أشهر "قلم" في السنوات الست الأخيرة.

وفعلا إنها سقطة غبية لأن من يخوض في الشأن العام عليه أن يحكم إغلاق أزرار سرواله ويشد الحزام جيدا عن بطنه. وبلغة أكثر دقة عليه أن يحمي "الكريشة وما تحتها"، حسب الشاعر إدريس الملياني. ربما للتوقيت سر لكنه غير خاف على أحد فحالة الرهاب التي يعاني منها مهندسو الداخلية كلما حلت ذكرى عشرين فبراير، تجعلهم يفكرون في الإلهاء بأي ثمن. إضافة إلى أن جراح حراك الريف مازالت في مستعجلات المحكمة، ولم يجدوا المخرج منها بعد. والأكيد أيضا أن التوتر الذي تعرفه جرادة له دور طبعا. لكن سؤالا آخر يبدو لي بالأهمية بمكان وهو المتعلق بالاستماتة القوية لبعض أنصار بنكيران للدفاع عن بوعشرين والهجوم سرا وعلنا عن المفترض أنهن ضحايا للمتهم ضدا على المنطق السوي الذي يفترض مبدئيا التعاطف مع الضحايا دون نكران حق المتهم من حيث المبدأ في قرينة البراءة إلى أن تثبت إدانته.

وفي تقديري، فإن السبب في ذلك يرجع بالأساس إلى ضرورة رد الدين لـ "لقلم" الأبرز الذي ظل يدافع بكل بسالة عن زعيمهم كما يحبون تسميته، فالقلم الوحيد الذي ظل يلون بكل ألوان الطيف كل الكوارث التي اقترفتها الحكومة السابقة هو بوعشرين، وهو في ذلك كان في خدمة بنكيران ومن يحرك بنكيران. ولأن المداويخ اعتقدوا أن زعيمهم بسبعة أرواح ظنوا أنه سيقرض بوعشرين واحدة. وتناسوا أن من يقع في الفخ الملعون المسمى جنس ومال لا تقوم له قائمة.

إضافة إلى رد الدين الذي يتوهمون يمكن إضافة أن الضحايا المباشرين والضحايا التبعيين (يعني كل المتضررات والمتضررين من القضية سواء كان بوعشرين مدانا أم لا، وهن الزوجة والأبناء والأقرباء والعاملين وأسر الضحايا اللواتي تم تصويرهن...).. كل هؤلاء لا اعتبار لهم ولهن، والسبب هو غياب الحس الحقوقي أو شيء من الدفاع عن حقوق المرأة في أدمغتهم... ففي كل القضايا المشابهة يحظى هؤلاء بتعاطف مبدئي مند البداية بغض النظر عن أي منطق كانت مؤامرة أو مغامرة. إضافة إلى أن المجتمع الذي نعيش فيه لم يحسم بعد اختياراته نهائيا فيما يتعلق بالحرية والعلاقات الرضائية فستبقى المغتصبة مدانة ومتهمة حتى ولو حكمت لصالحها المحكمة.

مبدئيا أعلن كل التضامن مع كل من تأذى من القضية برمتها كانت مؤامرة أو لم تكن، فالأولى بتضامني هن النساء أولا والنساء ثانيا.

- عبد الإله ابعيصيص، عضو المجلس الوطني للحزب الاشتراكي الموحد