الثلاثاء 23 إبريل 2024
كتاب الرأي

عبد المطلب أعميار: الاصطفاف هو توثيق لعقد الزواج المقدس بين بوعشرين والعدالة والتنمية

عبد المطلب أعميار: الاصطفاف هو توثيق لعقد الزواج المقدس بين بوعشرين والعدالة والتنمية عبد المطلب أعميار

تبدو العلاقة الإعلامية بين "أخبار اليوم" وحزب العدالة والتنمية، في العديد من مستوياتها، علاقة "زواج مقدس" بين مشروع إعلامي اختار أن يكون ناطقا رسميا، ومدافعا شرسا في خطه التحريري عن حزب يقود الحكومة لولايتين متتاليتين، ومشروع إسلاموي يتحرك بأذرع مختلفة، وبمقاصد، معلنة وغير معلنة، لا ترتبط فقط بالمسار الحكومي بل أيضا برهانات وحسابات تكلفت "أخبار اليوم" بالترويج لها بلسان مديرها توفيق بوعشرين.

ومن الطبيعي، أن تتجند أصوات "بي جي دي" للدفاع عن بوعشرين اليوم، كما تجند هو الآخر في العديد من افتتاحياته للدفاع عن المشروع السياسي والدعوي والانتخابي لحزب العدالة والتنمية، بل وللنيابة عنه في العديد من المعارك، سواء ضد الفرقاء السياسيين أو حتى ضد الدولة نفسها. ليتحول بوعشرين إلى "فاعل" سياسي دون إقامة حدود مقبولة وموضوعية بين الوظيفة الإعلامية والوظيفة الإيديولوجية، بين قواعد العمل الصحفي، وأدوات العمل السياسي.

ولأن الخط التحريري لجريدة "أخبار اليوم" أصبح أداة للدفاع عن العدالة والتنمية، فكان من الطبيعي أن ينهض المشروع الإعلامي بالوظيفة الإيديولوجية المشرعنة للمشروع السياسي للبيجيدي. لهذا، تجند بوعشرين للدفاع عن الاختيارات المرتبطة بهذا المشروع سواء بأبعاده الداخلية أو الخارجية، بلغة إعلامية تنهل من قاموس "الأخلاقيات" و"الطهرانية" التي يختبئ وراءها أصحاب ودعاة هذا المشروع، ومن معجم يجد أصوله النظرية والفكرية والثقافية في مشروع "الإسلام السياسي". ولعل في الأزمة المصرية، وفي الملف التركي، وفي العلاقة بحماس، وفي العلاقة بالربيع العربي، وفي قضايا الحريات العامة، وفي قضايا المرأة، وفي العلاقة بالخيار الديمقراطي.. أمثلة كثيرة حولت "أخبار اليوم" إلى جريدة لمشروع الإخوان المسلمين.

وأستحضر في هذا المقام مثلا كيف أخذت بوعشرين حماسته المفرطة بعد ما سمي باستطلاع الرأي المنجز من طرف معهد "أفيرتي" بخصوص الانتخابات التشريعية ليخاطب الدولة، وكأنه زعيم حزب معارض، بالقول بأن الكرة الآن في ملعب "الدولة العميقة"، وأنه لا خيار أمامها إلا بقبول فوز العدالة والتنمية، فوزا عدديا عوض أن يحقق الأغلبية المطلقة المضمونة. بمعنى آخر، يقدم بوعشرين نصيحة للدولة يفهم منها أنه مادام أن فوز العدالة والتنمية أمر محسوم، فالأفضل للجميع  "ألا يفوز بأكثر من 50 بالمائة من مقاعد مجلس النواب... وأن يقبل، حزب العدالة والتنمية، بالمرتبة الأولى في الانتخابات دون الوصول إلى الأغلبية المطلقة.. وأن يرفع رجله عن "الاكسيليراتور" طواعية.

وفي الوقت الذي كانت حكومة بنكيران توقع على أسوء القرارات المالية والاجتماعية، لم يتردد بوعشرين في الدفاع عما كان يسميه دائما في افتتاحياته "مواصلة الإصلاح". ليردد في إحدى افتتاحياته بأن" شعبية بنكيران مازالت واسعة، وهي لم تنحسر سوى في بعض الأوساط التي تضررت من قرارات حكومته، أو التي لم يصل إليها شيء من "بركاته". ويستطرد أن "الحكومة أظهرت إحساسا اجتماعيا بأوضاع الفقراء حتى وان كانت مبادراتها رمزية.."

وفي السياق ذاته، أصبحت افتتاحيات صاحب "أخبار اليوم" تنهج مسارا إعلاميا يروم التشكيك في المؤسسات بلغة العدالة والتنمية، ويتغذى بأسطوانة المظلومية  التي ما فتئ يرددها الحزب الحاكم ، تارة بترهيب الدولة وتصوير البلاد وكأنها مهددة في أمنها، والتشكيك المستمر، من مواقع وأدوار مختلفة، في المشروع الديمقراطي الذي اختارته بلادنا بثوابته، ومنطلقاته الدستورية والمؤسساتية.

واليوم، فإن اصطفاف العدالة والتنمية فيما أسماه أحدهم بمعسكر بوعشرين، هو في الواقع اصطفاف في نفس  الهوية والمرجعية السياسية، وهو ليس انتصارا لمعركة حقوقية، أو لقضية نضالية عادلة، أو لملف إعلامي مشروع، بل هو إعلان عن موقف بمثابة "تحصيل حاصل" بالنظر للروابط الايديولوجية للمشروعين معا.

- عبد المطلب أعميار، رئيس حركة اليقظة المواطنة