الخميس 18 إبريل 2024
كتاب الرأي

مليكة طيطان: هل ستطيح قضية بوعشرين بوزير العدل السابق الذي كان يتستر على الشكايات؟

مليكة طيطان: هل ستطيح قضية بوعشرين بوزير العدل السابق الذي كان يتستر على الشكايات؟ مليكة طيطان

بوعشرين تم تكليفه سابقا بالخط التحريري، ودون الإعلان من طرف الحزب أن "أخبار اليوم" لسان حزبهم، مكلف بالأمر اليومي الإعلامي، لهذا تم استغناؤهم عن صحيفتهم "التجديد" من أجل تمويه الرأي العام وتصريف آراء ومواقف الحزب عبر بوابة "أخبار اليوم" لاعتبارات عدة أهمها، أن هذا المنبر الإعلامي يعتبر من أكثر المنابر مقروئية، وأنها مستقلة. أصبح هذا الانتشار الكاسح للجريدة يوازي استغلالهم للفراغ السياسي بسبب نحر الأحزاب، وبالتالي إتاحة فرص اختراق دواخل رأي عام أعزل أخطأت في تأطيره وتحصينه سابقا الأحزاب التقليدية بمختلف أطيافها، وحتى المحسوبة على اليسار، لهذا صار بوعشرين طوال مدة تولي العدالة والتنمية رئاسة الحكومة واكتساحهم للشأن المحلي أيضا بوقا إعلاميا ينفث وفق مصلحة الحزب الأولى، يصرف مواقفهم دون مراعاة الشروط المهنية في العمل الصحفي.

وعليه، فإن هذا الاستنفار يعد نتيجة حتمية للزواج الكاثوليكي وتضارب المصالح بين الحزب و"بو 20" بشكل عام وبين تيار بنكيران المتبقي داخل دواليب الحزب بشكل خاص، خاصة إذا رجعنا إلى قائمة المدافعين هم أقرب المقربين لعبد الإله بنكيران، وهذا يستدعي أيضا رد الجميل لبوعشرين الذي لعب في السابق، حينما كان التفاعل منسجما بين صقور حزب فرع التنظيم الدولي للإخوان بالمغرب والحكومة السابقة، لعب بوعشرين أدوارا خطيرة في تأليب الرأي العام بخصوص قضايا يغذيها الكذب بمحاضر مفبركة تمرر له من طرف وزير العدل السابق. وطبيعي فتأليب الرأي العام يحتاج إلى أداة إعلامية لم تكن سوى المكلف بالأمر اليومي بوعشرين. هو استنتاج يقودنا إلى التأمل في استجواب إعلامي للسيد رئيس النيابة العامة عبد النباوي غداة تعيينه كنقطة انطلاق لاستقلالية النيابة العامة عن الوزير قال بالحرف: "إن وزير العدل كان يستعمل النيابة العامة لتصفية الحسابات السياسية مع خصوم حزبه".

الاستنفار كان من المفروض أن يوجه لصالح الضحايا، ومن بينهن صحفية محسوبة على حزب العدالة والتنمية، في الوقت الذي فقد فيه الحزب البوصلة وعوض الانتصار لقضية المرأة المعنفة اغتصابا وتحرشا جعلوا منه بريئا، في الوقت الذي وجب فيهم الدفاع عن شروط المحاكمة العادلة وتقديم الدعم النفسي والقانوني للضحايا دون البحث عن تسييس قضية في الأصل جنائية محورها الاغتصاب والاتجار بالبشر، مع تكييف الفعل هو الذي يحدد خطورة الجرم، وبالتالي نوعية العقوبة التي ينص عليها القانون. وباستئناسنا لما هو موثق دوليا، والمواثيق تلزم المغرب في مجملها التجارة الجنسية في مصاف تجارة المخدرات والسلاح، على اعتبار أن الاتجار في البشر هو الجنس في ظروف الإكراه. في نظر الأمم المتحدة أيضا تجارة الرقيق الأبيض تقوده شبكات إجرامية تحميها مؤسسات (رسمية)، أسطر بالواضح على رسمية، لنتأمل مليا في أي خانة ندرج زواج متعة الإعلامي الإخواني المعروف بقناة الجزيرة أحمد منصور بالشابة المغربية؟ وأكيد، الرأي العام بلغ إلى علمه ترتيب القوادة أو الاتجار عبر وسائل الإعلام الورقية والإلكترونية، ألم يحضره ويشهد توثيقه كزواج متعة دام بعض الأيام رمزا من حزب العدالة والتنمية، في مقدمتهم من يتصدر الآن الدفاع عن بوعشرين، والثنائي بمثابة وجهين لعملة واحدة، بل هما توأمان سياميان .

هذا الاستنفار مرده أيضا الرغبة في تحوير الجريمة كقضية سياسية، رغم أن كل القرائن متوفرة صورا وأصواتا وشخوصا مشتكيات. نحن الآن في حدود المجال القضائي فقط وليس السياسي، أما تصنيفه كصحفي رأي هذا أمر يهمه بعيدا عن درجة الجرم المرتكب .

كتتويج قضية بوعشرين حسم أمرها لا يحتاج إلى تحقيق كما يجهر البعض، مادامت القرائن المادية متوفرة لا يخترقها الجدل العقيم. فاللجوء إلى التحقيق يكون حينما تكون الحجج غير ثابتة. في هذا السياق نستحضر حقيقة الفرقة الوطنية التي قامت ببحث تمهيدي توصلت إلى أن الفعل المادي موجود. كمقارنة حالة طارق رمضان، وفي دولة ديمقراطية معروفة باستقلالية قضائها هي فرنسا، يعتقل بحجج أقل بكثير من بوعشرين، خاصة أن جرائم المعني بالأمر في التحرش والاغتصاب مرت عليها 10 سنوات، على أساس أن لا تقادم في مثل هكذا جرائم .

والمطروح الآن، هل القضية ستقود إلى سقوط رؤوس رسمية تسترت عن شكاوى سبق ووضعت على طاولة رسمية تقتسم مع بوعشرين مصالح بعينها؟!

- مليكة طيطان، ناشطة حقوقية