الأربعاء 24 إبريل 2024
كتاب الرأي

أمين لقمان: الاغتصاب الكبير

أمين لقمان: الاغتصاب الكبير أمين لقمان

يعيش الناس الاغتصاب الجماعي العام، يفطرون به ويمسون عليه، الاغتصاب العلني الظاهر تعبير عن الاغتصاب الجماعي الباطن، اغتصاب في الأتوبيس، وآخر في الشارع العام، وبعضه مورس على الحمير والدجاج والكلاب، بل طال الاغتصاب حتى المنتخبين بعضهم على بعض كما حدث في إقليم شيشاوة، وامتد ليشمل صاحبة الجلالة كحالة بوعشرين. وأئمة المساجد، وبعض الأساتذة، ومثلها مسكوت عنه في السجون، وعشناه مع وحش تارودانت الذي اغتصب وقتل ودفن 6 أطفال، وحالات بني ملال ومراكش وفاس... ووحوش الخليج، وأوروبا، الذين كان أبرزهم وحش إسبانيا الذي اغتصب 11 طفلا، وأشباه ذلك نتابعه يوميا في الصحف والمجلات مما تشمئز له النفس ويخجل منه الإنسان...

لكن، ما سبب هذا السلوك الوحشي الشاذ الذي امتد وأضحى عملا يوميا صار يمارسه بعض المعتوهين حتى في الشارع العام؟ هل سببه التخلف التربوي والاجتماعي؟ أم سببه الابتعاد عن القيم وانحلال وتدهور مؤسسات الأسرة والمدرسة..؟ أم سببه التساهل التشريعي والقانوني في معاقبة الجناة؟ أم سببه حالة الانحسار الثقافي وتدهور الوضع الاجتماعي والاقتصادي الذي ينتج التخلف والجهل والبطالة..؟ أم سببه وسائل التواصل الحديثة وانتشار المواقع الإباحية وعدم فرض القيود عليها؟ أم سببه غياب رؤية استراتيجية للدولة تتمحور حول التربية وتهذيب الذوق ورعاية القيم الإنسانية النبيلة وانشغالها بالمقاربات الأمنية؟ أم سببه الابتعاد عن الدين القويم  وتعاليم الإسلام السمحاء..؟ أم سببه جيني وفطري يعشش في الحمض النووي لفصيلة العرب؟ أم تراه فيروسا معدلا من الصهاينة والغرب الكافر ليغتصب بعضنا بعضا..؟

أوليس لدينا مجتمع مدني يسرط ميزانيات هائلة؟ من أين جاء الاغتصاب إذن؟ وقبل أن نعدد مظاهره، ألا يعيش مجتمعنا مظاهر أخرى رمزية للاغتصاب؟ أليس الفقر والجهل والجوع مظهرا من مظاهر الاغتصاب تطال أبناء الشعب وتولد اغتصابا مضادا؟ أوليس القمع والتنكيل وغياب فرص العيش الكريم وانعدام الحرية والكرامة والتشغيل نوع من الاغتصاب..؟ ألا تغتصب في بلادنا حقوق الأفراد والجماعات..؟ ألا تولد معاكسة إرادة الشعب في التقدم والازدهار والرفاهية وحصرها على قلة قليلة شعورا جماعيا بالاغتصاب والاغتصاب المضاد؟ أما نعلم أن العنف يولد العنف المضاد يولد الانحراف واليأس و الجريمة ومنها الاغتصاب والإرهاب..؟

قد نمضي في الأسئلة، وفي ألا، وأليس، وكيف، وما وغيرها، لكن الأكيد أن معضلة الاغتصاب والعنف والإجرام والإرهاب، لا يمكن تناولها بمعزل عن محيطها الاجتماعي والاقتصادي والثقافي العام، ولذلك فلا علاج لما نحن فيه دون مقاربات يتداخل فيها التربوي بالقانوني والإصلاح الشامل للأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية للمواطنين، ودون ذلك قد يحد مؤقتا من هاته الظواهر قد يجعلها في حالة كمون، لكنه لن يقضي عليها ولن يحمي مستقبل أمتنا وشبابنا من أضرارها.

أدعو كل أبناء شعبنا، أحزابا ومجتمعا مدنيا وإعلاما وجامعات ومؤسسات رسمية، إلى مناظرة وطنية حول القيم، كل القيم لرسم خارطة طريق والاتفاق حول ميثاق للأجيال المقبلة، يجنب شعبنا وبلادنا مخاطر الإجرام والاغتصاب والتطرف والرشوة والفساد.

وليتحمل كل مسؤولياته.

ـ أمين لقمان، عضو المكتب السياسي لحزب المؤتمر الوطني الاتحادي