الجمعة 10 مايو 2024
مجتمع

أيت علال: إقبار كورنيش الجديدة اعتداء على الطبيعة وتبذير للمال العام

أيت علال: إقبار كورنيش الجديدة اعتداء على الطبيعة وتبذير للمال العام مصطفى أيت علال والجدار العازل الذي أخفى معالم البحر

مازالت ردود الفعل تتناسل، معلنة رفضها لبناء الجدار العازل بشاطئ الجديدة، ومازالت مؤسسة المجلس البلدي بمازاغان، تصر على بناء حائط العار ضدا على الأصوات الجمعوية، والحقوقية والبيئية والمدنية.. الأخطر من ذلك أن القطاعات الوزارية والإدارية المعنية بالمجال والملك البحري لم تعر أي اهتمام يذكر للتجاوزات التي طالت شاطئ مدينة الجديدة، بما فيها وزارة الداخلية ممثلة في عمالة الجديدة التي أضربت عن الكلام. في هذا السياق، وتفاعلا مع الحدث، مدنا الفاعل الجمعوي الأستاذ مصطفى أيت علال بورقة في الموضوع نقدمها لقراء "أنفاس بريس" تعميما للفائدة:

"المرور بكورنيش شارع النصر بالجديدة لم يعد هذه الأيام مغريا لأبناء المدينة ولا سياحها، فالجدار الإسمنتي المسلح الذي يجري بناؤه، أصبح  يمنع العيون من الوصول إلى الماء والموج والصخر والرمل والخضرة الخاصة التي تكسو السطح خلال الجزر. وما كان متعة جذابة للناظرين فقد قيمته الجمالية، وسيدفع المرتادين للساحل الأطلسي، وخاصة مستعملي السيارات، إلى تغيير الوجهة إلى مكان آخر.

وأي مكان أفضل في مدينة ساحلية غير كورنيشها الذي يتعرض اليوم لإقبار حقيقي، ولم يأخذ حقه من الاهتمام الكافي لهيكلته بالشكل الذي يحافظ على طبيعته ويرفع من جاذبيته ويفك من أزمة المرور الصيفية.

لقد سبق وأن تم إصلاح الكورنيش قبل سنوات عبر بناء الطريق والرصيف، والهدف لم يكن هو إعداده للنزهة، ولكن فقط للتخفيف من الاكتظاظ الذي تعرفه شوارع المدينة، خاصة في وسطها. وكانت الطريق مع ذلك ضيقة، مما تسبب في عدة حوادث كان من بين أخطرها اختراق سيارة لجدار أحد المنازل ودخولها حتى البهو والأسرة نائمة.

كورنيش شارع النصر في حاجة إلى إعادة الهيكلة، تأخذ بعين الاعتبار الآفاق المستقبلية للتوسع العمراني، وإقبال السياح المغاربة والأجانب المتزايد خاصة في الفترة الصيفية، وتقادم الأحياء السكنية المجاورة، مما يتطلب توسيع الشارع على غرار ما يحدث بمدن أخرى كمدينة الرباط التي غيرت بشكل كبير مدارها الساحلي.

مدينة جميلة كمدينة الجديدة تستحق أن يكون البحر هو الفضاء الأكثر حضورا في أعين الزوار الذين يأتون من بعيد للتمتع بمنظره، وعوض أن يتم تغطيته بجدار إسمنتي، ينبغي أن يكون مكشوفا ويحافظ هذا الجدار على نفس اللمسة الهندسية التي جعلت الأشرطة الزرقاء مكونا أساسيا له. ولا شك أن الوضع المكشوف سيقلل من المخاطر الأمنية والبيئية وييسر عمل الشرطة .

إن ما أقدم عليه المسئولون ببلدية الجديدة غير مقبول وغير مبرر ومتسرع ويعبر حقيقة على نوع من العشوائية في وضع المشاريع التي لا تستحضر متطلبات التنمية والبيئة، ومقومات المدينة سياحيا. كما أن الزيادة في علو جدار شاطئ "الدوفيل" كان يمكن تعويضه بالتقليل من الرمال المتراكمة على هذا الشاطئ الصغير، خاصة وأن تقدم البحر لا يمثل سنويا إلا أربع ملمترات. كما يمكن التخفيف من حدة الموج عبر إقامة حواجز إسمنتية أو صخرية داخل البحر. وإلا فإن الأمر سيتطلب الزيادة في علو السور مرات أخرى، وبالتالي عزل البحر عن المدينة.

إن ما صرف من مبالغ على جدار شارع النصر كان يكفي جزء منه للاعتناء بكورنيش شاطئ المدينة  المعرض للإهمال على مستوى البستنة والكهرباء والنظافة. وجداره في حاجة إلى تغطيته بالرخام على غرار ما هو موجود بمدن أخرى، التي لا تتوفر على نفس مداخيل مدينة الجديدة.

إن بناء الجدار هو اعتداء على الطبيعة وتبذير للمال العام، وإضعاف للقدرة التنافسية السياحية للمدينة، وإقبار لجزء من مقومات التنمية المحلية التي تحتاج إلى إبرازها والرفع من قيمتها الجمالية. وعلى المسؤولين الانتباه إلى ردود فعل الرأي العام المحلي والمجتمع المدني الرافض لهذا المشروع".