الخميس 18 إبريل 2024
كتاب الرأي

د. بوجمعة ماهر: عودة المغرب إلى الإتحاد الأفريقي بين الآفاق والمستقبل

د. بوجمعة ماهر: عودة المغرب إلى الإتحاد الأفريقي بين الآفاق والمستقبل

عودة المغرب الى حضيرة الاتحاد الأفريقي تعتبر حتمية ضرورية فرضتها اعتبارات وقناعات مختلفة تتنوع بتنوع الظروف الحساسة التى تعيشها القارة السمراء عامة والمملكة المغربية خاصة...

بعد مرور ثلاثة عقود عن انسحاب المغرب من منظمة  الوحدة الافريقية سنة 1984 ظل الاتحاد الأفريقي يعيش حالة هستيرية الطفل المتهور،لا هو قادر على الاستمرار في المشي الامام لتحقيق مآربه ولا هو قادر على ان يأخذ لنفسه لحظة التفكير فيما يصبو اليه لاسيما وهو في سن مبكّر في حياته.

المغرب قرر الانسحاب من الاتحاد الأفريقي باقتناع من الملك الراحل الحسن الثاني لاعتبارات حساسة تمسه في العمق و الكرامة والمقدسات الوطنية والتاريخية ،اما قراره في العودة الى حضون العائلة المؤسسية فهو قرار تاريخي من الملك محمد السادس لتجدر المغرب  بالقارة الافريقية ومواصلة تحمل المسؤوليات والواجبات التي بدأها ساعة التاسيس بكل جدارة واستحقاق.

القرار الملكي الشجاع في استمراريةالدفاع والنهوض بالقارة الافريقية اقتصاديا واجتماعيا جاء بعد جهد الدبلوماسية الخارجية في نهج سياسة الانفتاح والتقارب وبناء استراتيجيات جديدة ومحكمة بقيادة الملك محمد السادس الذي جاب اكثر من أربعين دولة أفريقية لتجديد التحالفات وقيام علاقات واستراتيجيات موسعة الأبعاد لطي صفحة الماضي المقلق إخلاصا للمبادىء التي من اجلها جاءت منظمة الوحدة الافريقية تاركا فيها الراحل الحسن الثاني بصمات الرجولة والشجاعة واليقضة والنهوض بالشعوب الافريقية وتعزيز مبدأ جنوب جنوب.

الرسالة الملكية التاريخية كانت صرخة قوية ومدوية الى كل الافارقة  وخطوة قيادية لاستعادة عضويته في منظمة الاتحاد الأفريقي وإعلان سياسة التخلي عن الكرسي الفارغ التي انتهجتها المملكة لثلاثة عقود.

ان مضمون الرسالة الملكية هو تحقيق عودة مشرفة الى الاتحاد الأفريقي وانطلاقة جديدة من اجل وحدة أفريقية كقوة اقتصادية متماسكة وخلق استراتيجيات موازية دولياً بين الشمال والجنوب الأفريقي وضمان الأمن والاستقرار والتنمية المستدامة.

وعلى هامش هذه الرسالة التاريخية بادرت 28 دولة عضو في الاتحاد الأفريقي في توجيه ملتمسا الى رئاسة الاتحاد بغية تجميد عضوية "جبهة البوليزاريو" الانفصالية لتكون للمغرب فرصة لتقوية الخناق على الجبهة المصطنعة واضعاف جهودها ومزاعمها المفتعلة خاصة في الظروف الحالية التي تعيشها الجبهة في غياب غياب مؤسسها عبد العزيز المراكشي والتصدع القائم في الجهاز الحاكم في الجزائر.

قرار شجاع وصائب للملك محمد السادس وجد أرضيته الخصبة في تحالفاته مع الدول الافريقية الصديقة لكن للأسف الشديد تغيب هذه الخصوبة عند دول المغرب العربي في إبراز موقفها الحقيقي في مؤازرة الموقف المغربي اتجاه قضيته الوطنية باستثناء الشقيقة الليبية التي ابدت رأيا مغايرا وعملت على طَي ماضي الراحل معمر القذافي في تمويله ومساندته للجبهة الانفصالية واستقطابه لأصوات أفريقية اخرى تقوية لموقف الجبهة كشعب صحراوي طموحا للحرية والاستقلال .

الرسالة التاريخية كذلك وصلت الى العمق الأفريقي لتكون لحظة استراحة ضمير الاشقاء الافارقة والعرب لمراجعة مواقفهم المعارضة للطرح المغربي لتسوية النزاع المفتعل من قبل الجارة الجزائرية ولحظة بداية لعهد جديد يخدم القارة الافريقية تمشيا مع مبادئ واصول ومؤسسات الاتحاد الأفريقي الجديد بحضور المملكة المغربية كعضو فعال ومتميز كما يشهد له التاريخ في قدرته على تخطي كل الصعوبات التي تهدد القارة الافريقية أمنيا واقتصاديا وجيوسياسيا