تناسلت بشكل مثير في الآونة الأخيرة صفحات خاصة بالمناداة بالأمن، والمثير أن متزعمي هذه الدعوة ينتسبون للحزب الحاكم. ومن المثير للسخرية أنه بدل أن " يفرعو لينا الراس " بانتظارات المواطنين بشأن مطلب الأمن - وهو حق مشروع - كان على أنصار الحزب الحاكم أن " يجبدوا" الميزانية والقانون المالي منذ أن تم انتخاب بنكيران رئيسا للحكومة لمعرفة: كم خصص رئيس الحكومة من موارد وكم وظف من بوليس ومخازنية ودرك. وهي موارد هزيلة جدا شملت أيضا باقي القطاعات الاجتماعية من تعليم وصحة وإعاقة إلخ...
ما يحز في النفس أن بنكيران أنزل مستوى النقاش إلى الحضيض، فمع اقتراب الانتخابات يوم 7 أكتوبر 2016 أصدر "فتوى" باستعمال كل الطرق لتضليل الرأي العام، ولو بالكذب على الناس، والحال أنه المسؤول الأول عن تدبير الحكومة وإعداد القانون المالي كل سنة . ولو كانت له الجرأة مثل أسياده الأمريكيين أو الأوربيين أو الأسيويين، لتقدم إلى المواطنين بوجه مكشوف ليقول: "هذه اختيارات الحكومة، ولهذا السبب لم نخصص الموارد المالية والبشرية واللوجستيكية للأمن الوطني وللمخازنية وللدرك الملكي". و بدل أن " يسيفط" كتائبه لإمطار الرأي العام باختلاق وقائع غير موجودة تبث بالبرهان والدليل أنها فيديوهات مفبركة لجرائم بالبرازيل وكولومبيا وغيرها.
نعم من واجب الدولة توفير الأمن .
نعم من أبسط حقوق الإنسان قيام الدولة بوظيفتها لتأمين تمتع المواطن بكامل حقه في الأمن ليتسنى له الانتفاع بالحقوق الأخرى ( الحق في الحياة، الحق في التنقل، الحق في السلامة الجسدية، الحق في التمتع بالمتتلكات، إلخ....)، لكن ذلك لا ينهض كمبرر لتستغله فيالق الحزب الحاكم بمنطق انتهازي وإبراز أن المغاربة "ضايعين" في الحق، وبأن المغرب مثل الصومال أو تيمور الشرقية حيث الاختطاف وطلب الفدية والعصابات المنظمة وحيث اللادولة.
فبالأمس فشلت خطة بنكيران في إبعاد مسؤوليته عن الحصيلة الكارثية لولايته الحكومية حين ادعى أن هناك دولتين بالمغرب: دولة يسيرها ودولة تابعة للشياطين!
وبمثل ما فشلت تلك الأسطوانة المشروخة ستفشل خطته في تجييش كتائبه للركوب على المسألة الأمنية. فالمغاربة سئموا جرائم بنكيران في التعليم والصحة والطرق والتشغيل والاستنزاف الضريبي ولم تعد تنطلي عليهم الحيلة.
إن قوة بنكيران لا تتجلى في أن "الشعب معه"، بل كون المغرب اعتمد نظاما انتخابيا وتقطيعا انتخابيا " متخلفا" يسمح لمن له "كمشة" من الناخبين المنومين والمخدرين بخطاب "حور العين وجاهلية سيد قطب" أن يصوتوا على بروفيل رئيس الحكومة الحالي ومن معه. بدليل أن بنكيران لا يمثل إلا 3 في المائة من الناخبين. وبالتالي فالعيب ليس في بنكيران بل في أحزاب "الويل والزفت" بالمعارضة التي باعت الماتش وانبطحت وجعلت دولة عظمى - مثل المغرب - من حيث التراكم التاريخي والحضاري، يسيرها شخص لاقيمة له مثل بنكيران.
وأسفاه على النهاية المذلة لنا.