بعد أن عبر مصدر مقرب من رئيس الحكومة، لوسائل إعلام عن انزعاج هذا الأخير من الطريقة التي يدبر بها أردوغان الوضع التركي، فيما بعد الحاولة الانقلابية، جاء بلاغ مجلس الحكومة مساء يوم الخميس 21 يوليوز 2016، ليبلورهذا الانزعاج الفردي، إلى قلق جماعي.
فقد عبرت الحكومة عن قلقها العميق إزاء المسار الذي أخذته الأحداث بعد محاولة الانقلاب المذكورة، وخصوصا الاعتقالات الواسعة في صفوف الأساتذة والقضاة. ودعت إلى احترام النظام الدستوري والشرعية المؤسساتية، والمحافظة على الوحدة والتماسك داخل هذا البلد المسلم.
لن يسع المرء إلا أن يكون مع هذا الرشد في التعاطي مع ما يحصل في تركيا "البلد المسلم الشقيق"،لا الإسلامي. لكن خميرة هذ الرشد السياسي المحمود في انزعاج رئيس الحكومة، يحملنا على التساؤل التالي:
هل هذا الانزعاج من الطريقة التي يدبر بها أردوغان الوضع التركي عقب المحاولة الانقلابية، يعبر عن موقف مبدئي، أم أنه يعبر عن مخاوف من ظلال الانعكاسات السلبية لهذا التدبير على عملية استثمار الحالة التركية ضمن المعادلة السياسية في المغرب؟
هذا السؤال تمليه انزلاقات الحزب الحاكم المبكرة، وهي تسقط الحالة التركية على المغرب، بما في ذلك المسارعة إلى التشقيق المبكر على قلوب الفاعلين السياسيين في صفوف المعارضة، والحال أن العلمانية في تركيا هي التي أسقطت الانقلاب.
بشكل مبكر كان الدعاء في الفضاء الازرق بالغلبة لبنكيران، من طرف منتسبي الأصولية في صفوف وزارة الاوقاف والمجالس العلمية والرابطة المحمدية للعلماء، فظهرت بذلك وبكل وضوح ، الأهداف السياسية لعملية هذا الإسقاط، من المدخل الديني.
يقظة المغرب أسقطت لحد الآن، هذا الرهان على المساجد لترجمة أهداف هذه العملية.
لكن ما يزعج بنكيران هو تمادي أردوغان في الإمساك بملف فتح الله غولن، لأن هذا الإمساك يفسد الرهان على استثمار محاولة الانقلاب التركية في الزمن الانتخابي المغربي، وذلك لارتباط جزء كبير من نخبة بنكيران الدعوية والسياسية بغولن.
بعبارة اخرى لارتباط هذه النخبة بمسار بناء الدولة الموازية. وما إشارتنا سابقا في "انفاس بريس" الى مركز بودينار وبنحمزة بوجدة، إلا عينة مخبرية لمشتل هذا المسار الانقلابي في المغرب.
من هنا يندرج حديث بنكيران عن التحكم، ضمن مخطط بناء دولته الموازية.
لذلك ونحن ندرك أن ما حصل في تركيا ما بين أردوغان وغولن هو شبيه إلى حد كبير،لما كان يحصل في السودان بين البشير والترابي، ومن تم فنحن غير معنيين اليوم بهذه الحالة، كما كنا بالأمس غير معنيين بالحالة السودانية.
لذلك ونحن ندرك أن ما حصل في تركيا ما بين أردوغان وغولن هو شبيه إلى حد كبير، لما كان يحصل في السودان بين البشير والترابي، ومن تم فنحن غير معنيين اليوم بهذه الحالة، كما كنا بالأمس غيرمعنيين بالحالة السودانية.
لكن سنبقى معنيين بسؤال الدولة العميقة لبنكيران.
ولعل هذا السؤال يذكرنا بمقال للزميل محمد المرابط ،في "انفاس بريس" و"الوطن الآن"، في منتصف مارس 2015، بعنوان:"مشروع ميجي مغرب الغد، والدولة العميقة لبنكيران!".
تلكم معادلة مغرب اليوم، ونحن نستحضر فراسة المفكر محمد عابد الجابري في الملك الشاب "ميجي" مغرب الغد، وما عدا ذلك فمجرد تفاصيل!