رغم أن المغرب يقود حملة قويّة داخل الإتحاد الإفريقي ضد ما يسمى الجمهورية العربية الصحراوية التي تمثلها جبهة البوليساريو، إلاّ أن بلوغ هدف إخراجها من الإتحاد أو حتى تعليق عضويتها لن يكون سهلاً.
فالنظام التأسيسي لمنظمة الإتحاد الإفريقي لا يتحدث في أيّ من بنوده عن مسطرة طرد بلد عضو من المنظمة. وبالتالي فحتى لو نجح المغرب في استقطاب دول أخرى إلى جانب ال28 دولة الموقِعة على طلب تعليق عضوية البوليساريو، فسيكون أمامهم عائق قانوني يتمثل أساساً في غياب مسطرة طرد الدول من الإتحاد. وسيكون حينها على المغرب ومؤيديه الدفع نحو تعديل القانون الأساسي للإتحاد الإفريقي بجمع أكثر من الثلثين، من أجل إدراج بند جديد يفتح الباب أمام الإتحاد لطرد دولة عضو حتى وإن كانت تعارض الدولة المعنية ذلك.
فالقانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي، في صيغته الحالية، بالكاد ينظم حالة إنهاء دولة ما بمحض إرادتها العضوية وبطلب منها، أي أن تنسحب الدولة من المنظمة كما كان قد فعل المغرب سنة 1984 خلال الصيغة السابقة للإتحاد حين كان يسمى منظمة الوحدة الإفريقية.
وبحسب القانون الداخلي للإتحاد الإفريقي دائماً، فيمكن للدول الأعضاء التدخل في حالة واحدة ضدّ دولة عضو، لكن دون طردها بل فقط بتعليق نشاطها وتجميد عضويتها. و يحصل ذلك فقط في الحالة التي تسقط فيها الديمقراطية في ذلك البلد العضو ويصبح فيها الحكم لمجموعة غير شرعية أو حكومة غير دستورية. كأن تشهد حدوث إنقلاب عسكري مثلاً. فيتم أنداك تعليق مشاركة هاته الدولة في أنشطة الإتحاد الإفريقي إلى غاية رجوعها إلى النظام الدستوري. غير أنّ هذا البند في حدّ ذاته لا يستخدمه الإتحاد الإفريقي الذي يضم في عضويته عدداً من الدول التي أُقربت الديمقراطية داخلها وتحولت إلى أنظمة ديكتاتورية لا تعترف حتى بأبسط أبجديات الديمقراطية.
طيّب ماذا يبقى أمام المغرب الآن!؟
عملياً يبدو أمام المغرب طريقان إثنان، كلاهما أصعب من بعض. لكن يبقى أمام المغرب كلّ الحظوظ لبلوغ الهدف من خلال أحدهما خصوصاً لو ارتفع عدد الدول الداعمة للمغرب والرافضة لوجود البوليساريو إلى 36 دولة أي ثلث أعضاء الإتحاد الإفريقي.
الطريق الأوّل يمرّ عبر تطبيق بند تجميد العضوية على ما يسمى الجمهورية الصحراوية، من خلال التدليل على أنها دولة غير دستورية ولا ديمقراطية، وأنها لا تمثل الصحراويين. وهذا الأمر وإن كان صعباً لأن دولاً مؤثرة في القارة السمراء مثل الجزائر ومصر وإثيوبيا، التي تحتضن مقر المنظمة، ونيجيريا وجنوب إفريقيا وأنغولا تدعم وجود الجمهورية الصحراوية.
كما أن الأمر صعب لأن إثبات تطابق هذا البند مع وضع الجمهورية الصحراوية سيتطلب عملا كبيراً ووقتاً طويلاً. خصوصا أن النص القانوني يحدد هاته الخطوة في سقوط الدولة في حالة غير دستورية. وهم اليوم وبالأمس يحتضنون الجمهورية الصحراوية ضدّاً على كل المواثيق الدولية وفي ظل عدم اعتراف هيئة الأمم المتحدة بها، فبالتالي من الصعب إسقاط الدستورية عن دولة هي بالأصل غير دستورية.
يبقى الطريق الثاني... وهو نظرياً أسهل لكن عملياً صعب أيضاً ويحتاج وقتاً طويلاً. وهو أن يجتمع ثلث أعضاء الإتحاد الإفريقي على طلب إجراء تعديل على النظام الأساسي للمنظمة، بإضافة بند جديد ينظم مسطرة طرد دولة عضو لسبب أو لآخر، وربط ذلك بجمع الثلث أيضاً أو النصف زائد واحد من الدول الداعية إلى طرد تلك الدولة. وهذا الطريق يحتاج زمناً طويلاً ومساطر كثيرة.
فما الحلّ إذا ليزيح المغربُ الجمهورية الصحراويةَ من عضوية الإتحاد الإفريقي دون إنتظار عقود جديدة من الزمن !؟
الجواب ببساطة هو أن يجتهد المغرب في استقطاب أغلبية ساحقة داخل الإتحاد الإفريقي تفوق الثلثين، بحيث يدعون إلى عقد قمة إستثنائية أو حتى انتظار العادية، وطرح نقطة تدارس وضعية الجمهورية الصحراوية داخل المنظمة، والدفع نحو تجميد عضويتها بالإعتماد على القانون الدولي وليس النظام الداخلي للإتحاد.. مع الإستناد إلى موقف هيئة الأمم المتحدة ومجلس الأمن، من أجل تصنيف الصحراء الغربية منطقة متنازعاً عليها لا سيادة لا للمغرب ولا للبوليساريو عليها، والدعوة إلى الإمتثال إلى المسار الأممي تسوية القضية. ومن تمّ انتزاع قرار استثنائي من الإتحاد الإفريقي بتجميد عضوية البوليساريو إلى غاية فُضّ النزاع تحت وصاية الأمم المتحدة.
ولو نجح المغرب في ضم دول موريتانيا ومصر وإثيوبيا وجنوب إفريقيا ونيجيريا إلى نادي الدول الداعمة له داخل الإتحاد الإفريقي، فسيصبح موقف قويّاً بشكل كبير جدّاً، حيث سيصبح موقف البوليساريو ضعيفا وسيتم عزله عمليا داخل الفارة فلا يبقى له من داعم قويّ سوى الجزائر التي لا تستطيع وحدها الدفاع عن دولة لا تعترف بها كل الدول الإفريقية، وإذا نجح المغرب في تقليص عدد الدول المعترفة بالجمهورية الصحراوية إلى أقل مما هي اليوم، 17، فستكون تلك ضربة معلم.