الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

محمد عطيف: سبق إلى قولها مانديلا.. العظمة ليست في التعثر، ولكن في القيام بعد كل مرة نتعثر فيها

محمد عطيف: سبق إلى قولها مانديلا.. العظمة ليست في التعثر، ولكن في القيام بعد كل مرة نتعثر فيها

"كلهم شفارة" عبارة نسمعها كثيرا، خاصة كلما اقتربت فترة الانتخابات، وهي عبارة تحتمل قراءتين:

القراءة الأولى هي أن الأشخاص الذين يرددونها باستمرار في المقاهي وفي الأماكن العامة والخاصة، هم أشخاص صدمهم الواقع بتعقيداته وعنفه، وفقدوا الثقة في أي تغيير محتمل من شأنه تحسين أوضاعهم، وبالتالي اختاروا عن قناعة، ولكن عن غير وعي، الهروب إلى الأمام ودفن رؤوسهم في التراب في انتظار مرور العاصفة، عاصفة الانتخابات، بصخبها ووعودها وجدلها، وبعد ذلك يعودون إلى ترديد عباراتهم الجاهزة "كلهم شفارة" وكفى الله المؤمنين شر الانتخابات.

أما القراءة الثانية فهي أن هذه العبارة، وغيرها كثير، تدخل ضمن سياسة ممنهجة يوظف فيها الإعلام والنكت والإشاعة وغيرها، بهدف دفع أكبر عدد ممكن من المواطنات والمواطنين إلى العزوف وعدم المشاركة في الحياة السياسة، وبخاصة في العمليات الانتخابية، حتى تبقى الساحة فارغة ويتحكموا بسهولة في الخريطة الانتخابية التي تناسبهم في كل مرحلة من المراحل.

إذن في كلتا الحالتين هي دعوة صريحة للعزوف، أي لإبقاء الأوضاع على ما هي عليه، دون بصيص أمل في تغيير محتمل يعيد لشعبنا الثقة المفقودة في السياسة والسياسيين، ويعيد لوطننا بعض الوهج الذي فقده منذ عقود، وجعله هدفا للأطماع الخارجية وللمؤسسات المالية الدولية تفرض عليه شروطها وتعليماتها.

إذن لا بد من الحذر ومن مواجهة مثل هذه الخطابات الهدامة التي تقتل الثقة في النفس وتقضي على الأمل في المستقبل، خاصة وأنها تجعل الجميع، شرفاء وفاسدين، مناضلين وانتهازيين، في سلة واحدة، وهنا الخطر الكبير. فعلى الرغم من كل شيء، هناك دائما أمل يتراءى لنا من خلال تضحيات ونضالات الآلاف من شرفاء وطننا، نساء ورجالا، الذين قاوموا الظلم والاستبداد، وضحوا حد الاستشهاد أحيانا، من أجل الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.

يقولون "كلهم شفارة" وأقول أنا لا ليس كلهم، هناك الآلاف من الشرفاء، في الماضي والحاضر، وفي المستقبل أيضا، وسينتفضون يوما ما، ولم لا قريبا بمناسبة الانتخابات التشريعية القادمة، على الفساد والمفسدين، وعلى الجهل والجهلة والجاهلين، وعلى كل المتربصين بالوطن وبحقوق المواطنين.

نصيحة أخيرة من يستطيع أن يساهم في هذا المشروع الوطني الهام، مشروع التغيير من أجل مجتمع مغربي جديد، فمرحبا به في الساحة النضالية الواسعة والمستوعبة لكل الشرفاء والغيورين على مصلحة وطننا ومصلحة مواطنينا، ومن لم يستطع، وهذا حقه، فعليه أن يصمت، وهذا أضعف الإيمان، وألا يجعل من نفسه عالما في السياسة وفي علم الاجتماع وفي الفلسفة وفي علم الجريمة و في الرياضة وفي كل شيء..