الخميس 18 إبريل 2024
كتاب الرأي

العربي رياض: "ميكا˜" بوجهين

العربي رياض: "ميكا˜" بوجهين

وأنت تتابع مسلسل محاربة "الميكا" لابد وأن تتوقف أكثر من مرة لتستوعب المشهد وتحاول أن تفهم.

الوقفة الأولى: 

وزارة العلمي، وهي تطرح موضوع المحاربة، اقتصرت على الأكياس البلاستيكية التي يحمل فيها المستهلك ما يقتنيه من مواد من السوق. وتم الترويج بأن هذه الأكياس قاتلة وملوثة وتخدش البصر والبصيرة.. إلى غير ذلك من النعوت التي لم نكن نسمع بها منذ عقود ونحن نستأنس بهذه الأكياس، حتى أضحت جزءا منا كبشر.

الوقفة الثانية:

استهدفت وزارة العلمي الطبقة الضعيفة من مصنعي البلاستيك وأرغمتهم عن التوقف عن مزاولة هذا النشاط  بمبرر أنهم "أنفورميل"، بمعنى أنهم يعملون بطريقة عشوائية المقاربة لم يستعمل فيها منطق "خطرالميكا"، وإنما تم تهويل هؤلاء الصناع، بكونهم خارج القانون، وهذه معضلة عظيمة يجب الوقوف عندها.

الوقفة الثالثة:

مادام هؤلاء يعملون خارج القانون، أين كانت المصالح الحكومية طيلة الأربعين سنة الماضية؟ ولماذا تستخلص منهم المصالح الضريبية مختلف الرسوم المعمول بها، ولماذا تستقطع لهم سلطات الميناء رسوما من المواد الأولية المقتناة من الدول البيترولية؟

وكيف، سمحت لهم أعين السلطات بتشغيل اليد العاملة، وسمحت لهم مختلف الإدارات المعنية، باقتناء آلات كبيرة من الخارج لتصنيع الأكياس البلاستيكية؟

الوقفة الرابعة:

إذا كانت الأكياس البلاستيكية التي نحمل فيها مواد غذائية إلى المنازل أو نضع فيها بعض الأزبال... قاتلة؟ ماذا يمكن القول عن البلاستيك، الذي تغلف به شركات كبرى معروفة مواد نستهلكها مباشرة من الميكا مثلا سنيدا، الكسكس، المعجنات، مواد لتحضير الحلويات مياه معدنية وغيره. أم أن شريحة البشر المصنعة لتلك المواد، ليست هي ذات الشريحة المتهمة بالتلويث.

الوقفة الخامسة:

أين هي الأرض الملوثة بـ "الميكا".. جل المدن الكبرى والصغرى لها تعاقدات مع شركات خاصة للنظافة وبعض هذه الشركات يصل تعويضها إلى أكثر من 54 مليار سنويا كما هو الحال في الدار البيضاء، هل يتضمن دفتر التحملات، الذي يربط هذه المدن محو "الميكا" من الأراضي الخالية؟ هذا سؤال آخر، إذ كيف نصرف الملايير ولا ندمج عملية تنقية هذه الأراضي؟

من المؤكد، أن الأراضي والحقول المليئة بـ "الميكا"هي تلك التابعة للمؤسسات الحكومية كأراضي الأملاك و "الضومين"وغيرها، اذ لا يوجد أحمق يملك أرضا يستغلها فلاحيا ويتركها تتلوث.

ثم ما دخل صناع "الميكا" في هذا الموضوع؟ ولماذا لا تصرف تلك المؤسسات على تنظيف أراضيها؟

الوقفة السادسة:

ماهي استراتيجية الحكومة في موضوع المطارح البلدية بالعالم القروي، ولماذا لا تحث البلديات على إحداث مطارح هناك تجمع فيها النفايات؟

الوقفة السابعة:

ما يثير الضحك، هو أن وزارة العلمي، عوضت "الميكا" بـ "الميكا" إذ تطلب من الصناع، إنتاج نوع آخر من الأكياس بواسطة البلاستيك.

الوقفة الثامنة:

ظهر مجموعة من الفنانين والطباخين ينصحوننا بعدم استعمال "الميكا".. الغريب أن هؤلاء المنظرين لم يسبق لهم في تاريخ عملهم الفني أو المطبخي، أن تطرقوا لموضوع "الميكا"، ولنا أن نرجع لكل الأعمال الفنية التي تختزنها الخزانة الفنية المغربية، أو المطبخية لنبحث عن جملة واحدة في الموضوع  فكيف تفتقت اليوم هذه الموجة الإبداعية الفريدة أم أن الفنان والطباخ له مبررات العالم بأكمله أن يساهم في أي شيء مدر للدخل، كذلك الذي يدعونا للسكن في أقفاص السكن الاقتصادي.

الوقفة التاسعة:

لا يمكن استخلاص إلا فكرة واحدة من هذا الموضوع، إن الوزارة استهدفت فئة معينة وبأسلوب تمييزي محض مستعملة كل الوسائل، لأنها تعلم أن هذه الفئة لا تتوفر على اليد الطولى، في دواليب الإدارات وإلا لماذا استثنت باقي مصنعي البلاستيك المغلف مباشرة للمواد التي يستهلكها المواطن؟

هؤلاء الصناع والمهنيون العاملون في قطاع الأكياس البلاستيكية وبكل احترام، لم يطالبوا إلا بمهلة، لهضم القدر الفجائي المسلط عليهم، لكن تعنت "حكرة" الوزارة كان لهم بالمرصاد وهي الوقفة التي يجب أن نقف عندها كثيرا، لأنها تعني شيئا واحدا وهو أن المواطنين درجات.