الجمعة 29 مارس 2024
كتاب الرأي

عبد اللطيف جبرو:ميثاق الأغلبية أو حكاية سياسية جديدة

عبد اللطيف جبرو:ميثاق الأغلبية أو حكاية سياسية جديدة عبد اللطيف جبرو
التقى رجل وامرأة وتم توافق بينهما للحياة تحت سقف واحد. وتوالت الأيام والشهور على العشرة، فتبين لهما أن عليهما أن يذهبا عند العدول، لإبرام عقد الزواج يضفي الشرعية على علاقتهما بعد فترة طويلة من الحياة بدون عقد زواج.
هذا تقريبا ما حدث لأعضاء الحكومة التي يرأسها سعد الدين العثماني، التي نتذكر أنها تشكلت بعد مخاض عسير عندما انتهت مهمة حكومة عبد الإله بن كيران، لأن الأطراف التي كانت تسعى إلى تحالف حكومي لم تتوصل بسرعة إلى اتفاق فيما بينها نظرا لعجز ابن كيران على تشكيل أغلبية حكومية تجمع ما بين مجموعة من الأحزاب التي كان مطلوبا منها الدخول إلى الحكومة.
ونتذكر كيف أنه في النهاية تم استبدال حكومة ابن كيران بأخرى أسندت رئاستها إلى سعد الدين العثماني. ونتذكر كذلك كيف أن الحكومة بدأت تقوم بمهامها وتعقد مجالسها الأسبوعية، ويحضر أعضاؤها الجلسات البرلمانية، وتوالت الشهور على تأسيسها حينما قيل إن ثمة صعوبات تواجه العمل الحكومي.
حينها بدأ الحديث عن إبرام معاهدة حكومية، أو ما سمي بميثاق الأغلبية الحكومية مثل حال الرجل والمرأة، اللذين عاشا تحت سقف واحد لمدة من الزمن، وبعد ذلك تبين لهما أن عليهما إخضاع شراكتهما لعقد الزواج.
ولإبرام ميثاق الأغلبية، كان على الأطراف التي يتشكل منها التحالف الحكومي أن تدخل في مشاورات من أجل صياغة نص هذا التعاقد.
لا حاجة إلى القول إن جماهير الشعب المغربي لم تهتم أبدا بموضوع أن تقوم الحكومة بمهامها على أساس أن يكون للتحالف الحكومي أو لا تكون له وثيقة التقاعد يسمونها: ميثاق الأغلبية.
فلو كان لهذا الموضوع ما يكفي من الجدية، لكان قد تم تحرير ميثاق للأغلبية قبل إجراء انتخابات أكتوبر 2016، حيث كان على هذه الأحزاب أن تتفاوض فيما بينها لإيجاد أرضية مشتركة، أو برنامج موحد يكون أساس قيام أغلبية حكومية. وعندما يصبح من حق هذه الأحزاب أن تشكل أغلبية في البرلمان إذاك يكون الطريق ممهدا أمام حكومة يعرف عنها الشعب كل شيء، وخاصة ما يخص برنامج العمل الحكومي.
لكن الذي حصل في المغرب هو أن الأغلبية في عهد حكومة سعد الدين العثماني تشكلت قبل الإعلان عن برنامج أي أنها حررت ميثاق الأغلبية بعد عشرة أشهر على تشكيلها.
وهذا ما يؤكد محدودية الجدية في هذه الحكاية. فكيف يمكن لحكومة والحالة هاته أن تعمل على إخراج ملايين المغاربة من عتبة الفقر المطلق، وتخلق ما يكفي من فرص العمل وحل مشاكل التمدرس والخدمات الصحية وإيجاد السكن اللائق، وغير ذلك من المشاكل التي يواجهها شعب لا يهمه أن تكون للحكومة أولا يكون لها ميثاق أغلبية.