الأربعاء 27 نوفمبر 2024
اقتصاد

عبد المجيد الراضي: هل كانوا يريدون من الكونفدرالية الديمقراطية للشغل التصويت على ملف التقاعد لتضفي الشرعية على عملية مخطط لها في جنح الظلام ؟

عبد المجيد الراضي: هل كانوا يريدون من الكونفدرالية الديمقراطية للشغل التصويت على ملف التقاعد لتضفي الشرعية على عملية مخطط لها في جنح الظلام ؟

في هذه المرافعة يدافع عضو المجلس الوطني للكونفدرالية الديمقراطية للشغل عن موقف المستشارين الأربعة بمجلس المستشارين، ويكشف كيف أحبكت المناورة لتمرير خطة التصويت على قانون التقاعد ، ليخلص إلى مقولته  إن النقابة بطبيعتها إصلاحية، ودورها في هذه المرحلة مقاومة الهجوم على المكتسبات، ولا يمكن أن تكون ثورية أكثر من الثوريين في شرط يعيش فيه اليسار ببلادنا حالة من الضعف والوهن، نتيجة لأسباب متعددة، إنكم أخطأتم التقدير في حق منظمة صامدة مناضلة، وستظل كذلك إلى جانب اليسار، في خدمة مشروع التغيير الديمقراطي، باختلافاتنا، وتنوعنا قادرون على ذلك." موقع " أنفاس بريس" يعيد نشر هذه الورقة الترافعية الذي خص بها ذات النقابي الديمقراطية العمالية تعميما للفائدة .

فوجئت بحجم الهجوم، وردة الفعل القوية الذي تعرضت لها الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، والذي وصل حد التخوين، والتواطؤ بخصوص موقف فريقها بمجلس المستشارين القاضي بالانسحاب من عملية التصويت على قانون التقاعد، ويمكن تصنيف أصحاب هاته المواقف كالتالي :

 هناك الموقف الجاهز الذي يتحين صاحبه أية فرصة لإطلاق أحكام مسبقة وغير مسنودة ومؤسسة، لاعتبارات لا تمس للتحليل الملموس للواقع الملموس، ويمكن تصنيفها ضمن المواقف غير الموضوعية والمفتقدة للمشروعية.

وهناك الموقف الإيديولوجي، وهو موقف تاريخي مؤسس في مرحلة تاريخية معينة لم يستطع أصحابه تجاوزه، رغم تطورات ومتغيرات الصراع الاجتماعي والسياسي ببلادنا، ولهم مواقف مسبقة ملازمة لهم في أي تقييم لأداء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، وهي مواقف كذلك مفتقدة للموضوعية.

غير أن المشترك بين هاته المواقف هو افتقادها، وعدم إلمامها بالمعطيات والحقائق، والتعاقدات المؤطرة لذلك المشترك النقابي الذي بلورته الحركة النقابية في إطار التنسيق النقابي، والذي نعتبره في الكونفدرالية، إنجازا تاريخيا يجب دعمه، وتطويره، والذي يفرض على كل الغيورين الانخراط فيه وخلق التراكم لتجاوز حالة التقسيم والتجزيء التي طبعت تاريخ الحركة النقابية المغربية لأسباب ذاتية وموضوعية، كان الفاعل فيها هو النظام السياسي.

واليوم، وبفعل هذا المشترك النقابي الذي تبلور تحت عنوان "ملف التقاعد في قلب الملف المطلبي، ومعالجته ضمن الحوار الاجتماعي"، هذا المشترك والمعبر عنه في البيانات والندوات الصحفية، والذي كان كذلك أحد الأسباب الرئيسية في أزمة الحوار الاجتماعي وتوقفه، بقرار رئيس الحكومة، الذي كان يصر على فصل الملف المطلبي عن مشروع قانون التقاعد، وطرحه لدى مجلس المستشارين، وعلى هذا الأساس خاضت الحركة النقابية سلسلة من النضالات، والتي يمكن أن نختلف في تقييمها وقراءتها، لكن البوصلة التي ظلت الكونفدرالية مشدودة إليها بمبدئية، وصلابة انطلاقا من قناعة جماعية بلورناها في مجالسنا الوطنية، أن الفصل بين قانون التقاعد، والملف المطلبي خط أحمر، كيفما كانت الظروف والحيثيات. وفي هذا السياق، خاضت المجموعة الكونفدرالية بمجلس المستشارين المعركة وصلت حد الاعتصام، وتوجيه تنبيه للأخ حيسان عبد الحق.

لكن، للأسف، وفي المراحل الأخيرة، وبطعنة غادرة من الخلف، يقرر الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، التراجع عن المشترك، بخلفية وحسابات سياسوية ضيقة ضدا على مصالح الأجراء، وذلك بفصل ملف التقاعد عن الحوار الاجتماعي، والانخراط في لعبة التصويت بمجلس المستشارين والمقررة نتائجها سلفا، ليلتحق بعد ذلك، الاتحاد المغربي للشغل، في الوقت بدل الضائع، ضاربا عرض الحائط كل الالتزامات.

فماذا كان ينتظر أصحاب هاته المواقف من الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، هل كانوا يريدون منها أن تنحاز وتنسق مع البام والاتحاد الدستوري والاتحاد الاشتراكي؟ هل كانوا يريدون منها التصويت لتضفي الشرعية على عملية مخطط لها في جنح الظلام، وتكون النتيجة كما تم الإعداد لها مسبقا؟.

في الأخير، اسمحوا لي أن أقول لأصحاب تلك المواقف غير الموضوعية، والتي لن تخدم في نهاية المطاف إلا أعداء الطبقة العاملة، إن النقابة بطبيعتها إصلاحية، ودورها في هذه المرحلة مقاومة الهجوم على المكتسبات، ولا يمكن أن تكون ثورية أكثر من الثوريين في شرط يعيش فيه اليسار ببلادنا حالة من الضعف والوهن، نتيجة لأسباب متعددة، إنكم أخطأتم التقدير في حق منظمة صامدة مناضلة، وستظل كذلك إلى جانب اليسار، في خدمة مشروع التغيير الديمقراطي، باختلافاتنا، وتنوعنا قادرون على ذلك.