الأحد 8 سبتمبر 2024
كتاب الرأي

رشيد يحياوي: لطالما افتخر الإخوان ببطولة زعيمهم أردوغان

رشيد يحياوي: لطالما افتخر الإخوان ببطولة زعيمهم أردوغان

"إذ تبرأ الذين اتبعوا"...

مكالمة الرئيس بوتين وتعزيته للرئيس والشعب التركيين في ضحايا الاعتداء الإرهابي مهدت للتطبيع في العلاقات من جديد بين البلدين، وذلك تحت ضغط الظروف الاقتصادية والسياسية على الدولتين .

فتزامن التطبيع التركي الإسرائيلي، وانكواء الداخل التركي بلهيب الإرهاب الداعشي المتكرر، وابتداء الموسم السياحي الصيفي وتضرره بالمقاطعة الروسية، وفشل سياسة تركيا ذات شعار "صفر مشاكل ومزيدا من الأصدقاء" وانقلابه إلى صفر أصدقاء وكومة مشاكل، وكذا تبخر آمال الزعيم باستعادة مجد الأتراك في المنطقة، كلها عوامل سرعت بتخلي أردوغان عن  خرجاته السياسية غير الناجحة ومعاركه الدونكشوتية.

لكن هذا كله مفهوم، فحسابات الساسة لا تحكمها العواطف بل المصالح. لذلك تابعنا كيف أجهد نفسه أردوغان حين انتفض من أمام شيمون بريز كي يظهر للمتعاطفين معه إيمانه بالقضية الفلسطينية، ثم كيف تخلى بعد ذلك فعليا عن القضية ذاتها بكل ثوابتها وفصائلها وشعاراتها وقوافل شهدائها بمن فيهم الأتراك أنفسهم، خصوصا الذين سقطوا داخل سفينة التضامن مع غزة، وهلم جرا من الأمثلة من المؤتمرات والندوات واللقاءات الداعمة لفلسطين داخل تركيا. تخلى السيد عن كل ذلك وارتمى في حضن من يعتبره الإخوان عدوا للأمة. ولطالما افتخر الإخوان ببطولة زعيمهم، وقاموا بإخراج أفلام ونشروا فيديوهات في مواقع التواصل الاجتماعي للزعيم، وهو يجود القرآن ثم وهو يسير في جنازة محمد علي كلاي. ولكن لأسفهم لم تدم طويلا مدة الفيلم التركي وكانت نهايته مخيبة للإخوة المتفرجين، لأن البطل (الشريف) لم يتقن الدور المتوقع منه.

الشيء غير المفهوم هو تحليل المتهورين والمتعجلين في بداية الأزمة بين البلدين حين أسقطت الطائرة الروسية؟ حينها ربطوا الأزمة بالدين وتحديدا بالإسلام! يبغون بذلك الفتنة والتشهير بالروس، وطلبوا العزة حين نسبوا إليهم معاداة الإسلام وأزبدوا في الرجوع إلى حرب أفغانستان والشيشان وفي  كل بلد ينتهي اسمه بـ...ستان.

فبعد اعتذار رمزهم وقبوله بتعويض عائلات ضحايا الطائرة ومعاقبة المعتدين واعترافه الضمني بفشل رؤيته وعدم نجاعة سياسته المعادية لبلدان الجوار، هل يعتذر ها هنا أولاك التبع عن تأجيجهم لأجواء الفتنة والعداوة بين الناس والدعوة إلى اعتماد مرجعية حزب العدالة والتنمية التركي كرؤية لكل من أراد الفلاح سياسيا واجتماعيا؟

تراجع كبيرهم أردوغان جاء بمثابة تبرئه ممن يطبلون ويزغردون لرقصاته السياسية والفيسبوكية التي يبدو أنها لا تتناغم والموسيقى المعزوفة داخل بيته تركيا فكيف خارج بلده.

"إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب".