الجمعة 29 مارس 2024
سياسة

لماذا ينزل المغاربة إلى الشارع لانتزاع مطالب اجتماعية؟

لماذا ينزل المغاربة إلى الشارع لانتزاع مطالب اجتماعية؟ صورة من الأرشيف

45 حركة احتجاجية في الشهر. هذا هو معدل نزول المغاربة للشارع وفق الجرد الذي أنجزته أسبوعية «الوطن الآن»، في الفترة الممتدة من أكتوبر 2017 إلى متم يناير 2018 انطلاقا من ما تم نشره في الصحف بالمغرب.

هذا المعدل يفيد أن مدن وقرى المغرب تسجل ما يمثل 1.5 حركة احتجاجية كل يوم، وهي حركات تختلف دوافعها من منطقة إلى أخرى ومن أسبوع لآخر. إذ كشف الجرد، أن المطالب الاجتماعية للمحتجين تتوزع بين المطالبة بتوفير النقل الحضري أو الخدمة الطبية في مركز صحي أو احترام الحريات النقابية أو تزويد الحي الفلاني بالماء أو الكهرباء...إلخ. (انظر الجدول رفقته).

وإذا أسقطنا الرباط التي تعد الحاضنة لمقرات الحكومة والبرلمان مع ما يستتبع ذلك من توافد أناس من خارج الرباط للاحتجاج، نجد أن الدار البيضاء تتربع في هذا الجرد على عرش احتلال الشوارع من طرف المحتجين، إذ سجلت المدينة لوحدها 15 حركة احتجاجية، وهو ما يمثل 8.2 في المائة من المجموع العام. متبوعة بجرادة التي أحصينا فيها 9 حركات احتجاجية، أي ما يمثل 4.9 في المائة، تليها عمالة مكناس بـ 8 حالات احتجاجية، أي ما يمثل 4.4 في المائة، ثم القنيطرة والخميسات وبني ملال والفقيه بنصالح بست حالات لكل عمالة. أي ما يعادل 3.3 في المائة من المجموع العام.

المثير في هذا الجرد أن العمالات الصغرى (المدينة مقر الإقليم والمدن التابعة لها) هي التي تسجل ارتفاعا في مؤشر الاحتجاج نسبة لعدد السكان.

فمثلا جرادة سجلنا فيها حركة احتجاجية لكل 4000 مواطن تقريبا، في حين أن الدار البيضاء لم تسجل سوى حركة احتجاجية لكل 266 ألف نسمة (المعدل الوطني هو احتجاج واحد لكل 182320 نسمة). وتأسيسا على هذه القاعدة نجد مكناس تعرف في المؤشر حدوث حركة احتجاجية لكل 58 ألف مواطن، في ما ينخفض بالقنيطرة إلى حركة احتجاجية لكل 176.603 نسمة، وهكذا دواليك...

وإذا كان بعض المراقبين والدارسين يعتبرون الاحتجاج انعكاسا للحالة الصحية لمجتمع ما تفيد أنه يقظ وحي ومتأهب للمطالبة بحقوقه الاجتماعية (اقرأ مثلا وجهة نظر الباحث السوسيولوجي عبد الرحمان رشيق الواردة في "الوطن الآن" ص: 6)، فإن ذلك لم يمنع آخرين من اعتبار الحركة الاحتجاجية مقياسا لدراسة وتحليل نجاعة سياسة عمومية ما سواء كانت مسطرة من طرف الحكومة والبرلمان أو من طرف المجالس المحلية والجهوية.

صحيح أن منسوب الوعي ارتفع لدى الشارع ولدى السلطات بشأن تدبير الاحتجاجات. فالمحتجون (في الأغلب الأعم) ينزلون للشارع بشكل عفوي للضغط على السلطات المحلية (معينة أو منتخبة) لتستجيب لمطالبهم دون أن يعمدوا إلى إلحاق خسائر بالممتلكات أو بالأشخاص، والسلطات العمومية أضحت تتعامل بيسر وليونة في مواجهة غضب المحتجين (حتى وإن لم يسلكوا المساطر القانونية لاحتلال الشارع وتنظيم الوقفة أو المسيرة الاحتجاجية). لكن ذلك لا يمنع من مساءلة مدبري الشأن العام (على المستوى الحكومي والمحلي) حول كلفة هذه الاحتجاجات وانعكاساتها على المالية العمومية العامة للبلاد ومقارنة ذلك مع الغلاف الذي كان يجب صرفه لتلبية انتظارات المواطنين.

(تفاصيل أوفى عن هذا الموضوع تقرؤونها في العدد الحالي من أسبوعية "الوطن الآن")