- كثيرة هي أوجه فهمنا للديمقراطية، وأوجه اختلافنا كذلك، ولكنها كحقيقة تبقى واضحة وبسيطة لا تحتاج إلى كثير من التعقيد أو من التنظير الذي نبذل فيه جهدا كبيرا دون أن يكون لذلك وقع على أرض الواقع .
فالديمقراطية تعني ببساطة أن نحترم آراء بعضنا البعض، أن نحترم المؤسسات والقوانين التي نضعها بمحض إرادتنا، أن نتقاسم السلط فيما بيننا كل حسب تمثيليته، أن نقتسم ثرواتنا ووسائلنا وكل الإمكانيات التي نتوفر عليها فيما بيننا جميعا بعدل وإنصاف، ودون احتكار أو إقصاء، أن نعطي قيمة لرأي المواطن ونحترمه كأساس لوجود السلطة ووجود الدولة نفسها، وأن نربط المسؤولية بالمحاسبة، أن نعيش جميعا على قدر إمكانياتنا المشتركة، وأن نضمن للجميع، قبل هذا وبعده، شروط العيش الكريم .
ما أبسط الديمقراطية حين نتشبع بها، وما أكثر ما يتهددها من مخاطر حين نختلف حولها لغرض بعيد كل البعد عنها كقيمة حضارية وإنسانية نبيلة.
- "يكون حكم الدولة أفضل إن كان عندها القليل من القوانين، وهذه القوانين مرعية بصرامة" (رينيه ديكارت).. والعكس صحيح، حيث أعتبر أن من الإشكاليات التي تعيق تطور بلادنا -إلى جانب إشكاليات أخرى كثيرة- عدم تطبيق القوانين الكثيرة التي تتعلق بمختلف مناحي حياتنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها، وإهدار الوقت والإمكانيات الكبيرة في تنظيم الندوات والمناظرات التي تتمخض عنها مئات التوصيات والدراسات التي تبقى سجينة الرفوف رغم أهمية القضايا التي تكون موضوع دراستها، كالتعليم والصحة والقضاء والإدارة والإعلام، وغير ذلك كثير .
إن هذه الإشكالية الكبيرة التي كانت سببا رئيسيا في تخلفنا وتراجعنا على أكثر من صعيد، لا تتطلب عقد مناظرة أو إصدار قوانين جديدة، بل تتطلب فقط الإرادة السياسية للقطع مع هذه التجربة التي أبانت عن عجزها وتدشين مرحلة جديدة مبنية على احترام القوانين وعلى خلق الشروط الكفيلة بتطوير بلادنا وإشراك مواطنينا إشراكا فعليا في بنائنا على أسس من العدالة والكرامة والديمقراطية .
- متى يحل الربيع، وتلتقي أفكارنا وأحلامنا دون أن نضيع، وتضيع منا معالم الطريق الذي ما زلنا نبحث عنه ونحن نسعى إلى التغيير؟ متى تورق الأشجار، شجرة الحرية، وشجرة الكرامة، لنستظل أخيرا بأوراقها وننسى همومناومآسينا الكثيرة؟... متى ...؟