الثلاثاء 16 إبريل 2024
كتاب الرأي

حسن بيريش:أيها الكاتب المغربي..مُت ليدرك الوطن والشعب قيمتك..!!

حسن بيريش:أيها الكاتب المغربي..مُت ليدرك الوطن والشعب قيمتك..!! حسن بيريش
1 - حياتك في موتك:
أيها الكاتب المغربي:
وحده موتك هو مصدر حياتك..!!
حياتك موت مع سبق إصرار التجاهل وترصد النسيان..!!
مت ليدرك الناس قيمتك ويعرفوا أهميتك..!!
إرحل لتظل أعمق في وعي جماعي يضعك على الهامش كلما وضعته أنت في الصدارة..!!
2 - في أملك تنبض خيبتك:
أيها الكاتب المغربي:
عبثا تحاول جعل الآخر قيد تذكرك،فيما أنت - دون أن تعي - في مهب نسيانه..!!
بين الذاكرة - دأبك أنت - والنسيان - ديدنه هو - تجد نفسك  - شئت أم أبيت - محكوما بأن:
تعيش على أطراف وحدتك العبثية.
تلوذ بعزلتك الذاتية وسط زحام الآخر.
تذهب عميقا صوب خيبتك،متوهما بأنك تنتج أملك.دون أن تدري - أو تدري - أن الإحباط من أسمائك الحسنى..!!

3 - تنجبه ليغتالك:

أيها الكاتب المغربي:
تظن - وأقل الظن سوء - أن الوطن الذي تنجبه كلما مارست خلوتك مع حبرك،سينجبك كلما اختلى بذاكرته.
ثم تكتشف - متأخرا طبعا - أن ذاكرة الوطن تشبه تماما ذاكرة القطط:
تنسى في أوج التذكر.
أو لا تنسى إلا حين تتذكر..!!

4 - استحضاره تغييب لك:

أيها الكاتب المغربي:
تعتقد - وأكثر الاعتقاد وهم - أن الشعب الذي تراهن - أنت - على استحضاره في الكتابة،يراهن - هو - على تغييبك في الواقع..!!
ثم يأتيك اليقين،وأنت على مشارف الانطفاء قطعا،بأن الشعب الذي لا يقرأ يعيش ويموت بلا ذاكرة..!!    

5 - صفعات على قفاك:

أيها الكاتب المغربي:
لمن تكتب؟
- هل تكتب لوجه وطن يستمتع بصفعك على قفاك..!؟
- هل تكتب لذاكرة شعب لا يتذكر إلا نسيانك..!؟
- أم تراك تكتب - فقط - لنفسك لتتوغل أكثر في إدانة وطن يضربك،وشعب يتجاهلك..!؟

6 - ميت في حياتك:

أيها الكاتب المغربي:
إن أنت مارست النأي عن شبهات الساسة والسياسة،ستموت صمتا وأنت حي..!!
ثم:
أبدا لن تجد لا كفنا لكلماتك.
ولا قبرا لآرائك..!!
إن أنت انغمست في أوحال الانتماءات العشائرية،ستكتشف أنك حي في علانية موتك..!!
بالتالي:
أبدا لن تعثر لا على نفسك المأهولة بالضياع.
ولا على امتيازك المسكون بالتبدد..!!

7 - ذكاؤك الغبي:

أيها الكاتب المغربي:

عنيد أنت في إصرارك على حمل القلم،في زمن حملة البخور الذين ( يكتبون ) حياتهم على جثث كتاباتك..!!
مع ذلك تكتب كما لو أنك:
واثق من خصبك في تربة اليباب.
متيقن من حضورك في محيط الغياب.
مصر على التشبث بوهم بقائك إزاء حقيقة محوك..!!
- هل أنت الغبي..؟!
- هل هم الأذكياء..!؟
سأجيبك أيها المخلوق العنيد،المشاكس،حتى نهاية أبجديات التشاؤل الذي هو قدرك المحتوم:
أنت ذكي لأنهم يمارسون عليك غباء الأذكياء.
هم أغبياء لأنك تعاملهم وفق ذكاء الغبي.

8 - قامتك وظل وطنك:

أيها الكاتب المغربي:
مثل شمعة مرتعشة في مهب الظلام،تذيب عمرك في الإيمان بقيم كونية كبرى،وتتجاهل أن قيمتك في بورصة هذا الوطن - وطنك - لا تساوي حبة خرذل..!!
مع ذلك،وربما بسبب ذلك:
تأبى أوهامك المفرطة إلا أن تقودك - يا للعجب ! - إلى الجهر بعبارة أكبر من قيمتك،تدعي فيها أنك قادر على تغيير العالم المحيط بك..!!
لن أقول لك،لن أقول لي:
رحم الله من عرف قدر قلمه في وطن لا يعترف بالأقلام..!!
بل سأقول لي،سأقول لك:
سبحان الله في وهمك،وعنادك،وخيبتك المتوارثة،أيها الكاتب المغربي الذي يرى قامته أكبر من ظله..!!

9 - يا للهول:

أيها الكاتب المغربي:
أدرك جيدا أن اليأس ليس من شيمتك.
بيد أني أعرف أن الإحباط القاتل من صميم الكتابة عندك،منذ ابتليت بآفة الحرف..!!
السبب بسيط في تعقيده،معقد في بساطته:
أنت - يا عزيزي الكاتب - تعيش في وطن أكبر كاتب فيه يطبع ألف نسخة من كتابه،يوزعها على شعب تعداده يفوق الأربعين مليونا..!!
- هل ستبكي..!؟
- هل ستضحك..!؟
أنصحك - لله - أن تردد مع المسرحي المصري الكبير يوسف وهبي عبارته الشهيرة:
- ياللهول..!!

10 - شيخوخة حبرك:

أيها الكاتب المغربي:
كلما اجتزت حدود وطنك صوب أرض الله الواسعة،ارتفع في الأعالي قلمك..!!
كلما بقيت رهين المحبسين - القلم والوطن !! - انخفض وزنك وارتفع ضغطك..!!
لن يعترف بك هذا الوطن العاق - وطنك ! ! - إلا حين يأتيك الاعتراف من أوطان أخرى..!!
فهل أنت - أيها المحبط المغربي !! - كاتب صغير في وطنك /  كاتب كبير في منفاك..!؟
في المغرب،هذا البلد الذي يصيب الكتاب بأمراض الشيخوخة الحبرية،تتكرس فيه المقولة التالية:
- الوطن في الكتابة غربة.
- الكتابة في الغربة وطن.