لقد انتبه الحقوقيون و المهتمون بالطفولة مند زمن طويل إلى معاناة الأطفال في العالم و إلى حقوقهم المسلوبة كما اشار الى ذلك كتابا وشعراء من مختلف بقع العالم ولا غرابة في ذلك نظرا لوعي المجتمعات حاليا أن طفل اليوم هو رجل المستقبل لذا يجب الاهتمام به ومنحه كل الحقوق والواجبات لتهيئته حتى يكون عضوا فاعلا في مجتمعه والعالم، ففي سنة 1989 شهد العالم اتفاقية حقوق الطفل التي تعتبر أول اتفاقية دولية ملزمة قانونيا للتأكيد على حقوق الأطفال في جميع أنحاء العالم فهي تضم المبادئ التي وافقت عليها الدول الأعضاء في الأمم المتحدة على أن تكون شاملة وعالمية لجميع الأطفال وفي جميع البلدان والثقافات وبدون استثناء، فمنذ توقيع هذه الاتفاقية والى يومنا هذا عرف المجتمع الدولي تقدما كبيرا بهذا الشأن حيث خطت دول عديدة خطوات ايجابية مهمة ففي 1990 وضعت البرازيل بعد مصادقتها على الاتفاقية نظاما أساسيا جديدا للأطفال والمراهقين يحرص على تطبيق بنود الاتفاقية، كما أنشأت بوركينا فاسو برلمانا خاصا للطفل يستجيب لمبدأ المشاركة المنصوص عليه في الاتفاقية، وصادقت على هذه الاتفاقية كذلك جنوب إفريقيا وأجرت عدة تغييرات مثل حظر التعذيب و العقاب الجسدي للطفل كما اتخذت فنلندا إجراءات جديدة وهامة استوحتها من بنود الاتفاقية مثل خطة التعليم والرعاية في سن مبكرة مع منهاج دراسي شامل للطفل و كذلك خطة عمل لمكافحة الفقر والإقصاء الاجتماعي، أما الاتحاد الروسي أنشأ محاكم للأحداث والأسرة استجابة لاتفاقية حقوق الطفل، فحين أنشأت المملكة المغربية المعهد الوطني لرصد حقوق الطفل برئاسة صاحبة السمو الملكي الأميرة للا مريم والذي انبثق منه برلمان الطفل إذ يعتبر جهازا أساسيا لتنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل و التي وقع عليها المغرب عام 1993 وهو إطار يتيح لعدد من الأطفال من مختلف أنحاء المملكة المغربية إمكانية الالتقاء و التشاور والتعبير عن آرائهم ومساءلة أعضاء الحكومة بشأن عدة قضايا وطنية خاصة تلك التي تهم الطفولة ، و إذ تسجل الجمعية المغربية لحقوق الإنسان أن وضعية الطفولة سواء وطنيا أو إقليميا أو عالميا وضعية مقلقة لأن أهداف الألفية التي تبنتها 189 دولة في أفق 2015 لم تحقق طموح المجتمع الدولي حيث بلغت وفيات الأطفال دون سن الخامسة حوالي 6 مليون طفل كنتيجة للنقص الحاد في الغذاء كما أن أعدادا كبيرة من الأطفال يتم تشغيلهم و الزج بهم في النزاعات المسلحة وذلك حسب تقرير اليونيسيف، كل هذه المؤشرات تدل على أن الطفولة لازالت تعاني وأن المجتمع الدولي مطالب بمضاعفة الجهود لتحقيق الأهداف المرجوة و لو الحد الأدنى و التي أقرتها القمة العالمية سنة 2000.
وباعتبار طفل اليوم هو رجل الغد فالمغرب كغيره من الدول يعمل جاهدا على تحسين أوضاع الطفولة و تحقيق أهداف الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل حيث تبنى برامج وإصلاحات تتجلى في تحقيق كل ما يطمح إليه الطفل من حقوق و اهتمام وتوصيل صوته إلى المسئولين من خلال برلمان الطفل الذي يظم مجموعة من الأطفال تمثل كل الأقاليم المغربية ولكلا الجنسين أما الأهداف المرجوة من برلمان الطفل تتلخص في الآتي :أولا-التربية على الديموقراطية والمواطنة و التسامح ، ثانيا- تفعيل حقوق المشاركة لدى الأطفال ودورهم في تفعيل ثقافة حقوق الطفل والتحسيس بأهميتها ثالثا- خلق ثقافة الحوار بين الأطفال من جهة وبين المسؤولين في الحكومة من جهة أخرى. ، رابعا- متابعة أعمال اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل .
أما على الصعيد العربي والاسلامي ، عرفت السنة الماضية عقد الدورة الأولى لمنتدى الايسيسكو لأطفال العالم الإسلامي نظمته المنظمة الإسلامية للتربية و العلوم و الثقافة الايسيسكو(مقرها الرباط/ المغرب) بالتعاون مع وزارة التضامن و المرأة والأسرة و التنمية الاجتماعية في المملكة المغربية في مدينة الرباط شارك في هذه الدورة أربعون طفلا يمثلون الدول العربيةالأعضاءفي المنظمةالاسلاميةللتربية( الايسيسكو) وهي: دولة الإمارات العربية المتحدة،تونس،الكويت،السودان ،الجزائر،العراق،فلسطين،عُمان،ليبيا ،لبنان الصومال بالإضافة إلى المغرب البلد المنظم حيث تضمن برنامج الندوة عدة جلسات تم خلالها دراسة العديد من المواضيع أهمها اتفاقية حقوق الطفل الدولية وتشكيل اللجان الخمس للمنتدى باعتبارها الهيكل القانوني للمنتدى، كما تم تقديم تجربة برلمان الطفل في المغرب من طرف المرصد الوطني لحقوق الطفل مع التمرن على كيفية تشغيل اللجان الخمس للمنتدى حسب الإطار القانوني ، كما أعلن السيد عبد العزيز بن عثمان التويجري المدير العام للايسيسكو أن المنظمة حريصة على تضمين العديد من القرارات والتوصيات في خطة عملها الثلاثية للأعوام المقبلة، وتخصيص برامج وأنشطة تربوية وعلمية وثقافية واتصالية لفائدة الطفولة في العالم العربي والإسلامي لأن الطفل هو الثروة المعول عليها مستقبلا
لكن المغرب رغم تصديقه على اتفاقية حقوق الطفل والبروتوكولين المتعلقين بها و التظاهرات الدولية المنعقدة في المغرب ورغم المكاسب الايجابية الجيدة في هذا الموضوع مثل رفع سن تشغيل الأطفال إلى سن 15 سنة و سن الزواج إلى 18 سنة وحق الطفل في التعلم وتضمن قانون الأسرة بعض الإصلاحات تهم الطفولة فان أوضاع الطفولة بالمغرب ما فتئت تعرف تدهورا متناميا على عدة أصعدة مثلا: 1- وفيات الأطفال أقل من 5 سنوات تصل إلى 37 في الألف بسبب الأمراض المختلفة و النقص الحاد في الأغذية . 2-ألاف الأطفال يتم الزج بهم في عالم الشغل. 3- ارتفاع نسبة الفقر و سوء الأحوال الاجتماعية والاقتصادية التي تجعل الاف ألاطفال يغادرون المدرسة في المراحل الابتدائية
كتاب الرأي