كانت الدولة مصممة على إغلاق المنجم و تسريح العمال ، لذلك أوفدت الحكومة لجنة وزارية إلى مدينة جرادة، بتاريخ 12 دجنبر 1997 ، حيث عقدت هذه اللجنة اجتماعات مع النقابات و المنتخبين و السلطات المحلية ؛ وعلى إثر هذه اللقاءات تم تشكيل لجنتين :
1ـ لجنة تهتم بالجانب الاجتماعي .
2ـ لجنة تهتم بالشق الاقتصادي.
من خلال اجتماعات اللجنة الأولى تم التوصل إلى الاتفاقية الاجتماعية، بتاريخ 17 فبراير 1998، و قد تضمنت هذه الاتفاقية المحاور التالية :
- الإغلاق التدريجي للمنجم إلى حدود 2001.
ـتسريح العمال و تعويضهم طبقا لبرنامج منسجم و متكامل و طبقا لمعايير متفق عليها تأخذ بعين الاعتبار، التعويضات عن الأقدمية ، وتعويضات عن الأمراض المهنية، و تسديد مستحقات الصناديق الاجتماعية. وأهم ما جاء في هذا الاتفاق، ما سمي في حينه بالبديل الاقتصادي، و هو ما انكبت عليه اللجنة الاقتصادية ، من خلال وضع تصور مضمون هذا البديل و الذي يشكل اليوم المطلب الرئيسي للحراك الشعبي بجرادة .و يتمحور البديل الاقتصاديحول :
ـفك العزلة عن المدينة و الإقليم
ـ إنشاء مقاولات صغرى و متوسطة
ـإدماج 300 مستخدم في المكتب الوطني للكهرباء
ـتنمية القطاع الفلاحي و الغابوي .
ـتطوير قطاع تربية المواشي و تحسين المجالات الرعوية
ـوعد بإنشاء وحدة صناعية الورق المقوى باستخدام نبتة الحلفاء الموجودة بالمنطقة .
ـمعمل لصناعة الاجور .
ـمعمل لصناعة البطاريات باستعمال مادة الرصاص المستخرج من منطقة تويسنت المجاورة .
فباستثناء تنفيذ بعض بنود الاتفاقية الاجتماعية ( التعويضات )؛ لم يخرج البديل الاقتصادي إلى حيز الوجود، غياب هذا البديل عن مورد الفحم الحجري و في ظل انعدام فرص الشغل و ضعف النشاط التجاري و الخدماتي، بسبب هجرة الساكنة إلى مدن و جهات أخرى ، بحثا عن لقمة العيش ، أمام هذا الوضع الكارثي، لم يبق أمام من بقي بالمدينة سوى المخاطرة بحياته باللجوء إلى الاستخراج التقليدي للفحم، في ظروف تنعدم فيها أدنى شروط السلامة ؛ فيما يعرف ب "الساندريات"، هذا الشكل من الاستخراج كان موجودا سابقا ، لكنه تعاظم بسبب إغلاق المنجم و غياب بديل اقتصادي، و قد انخرط في هذا النشاط عمال سابقون و أولادهم ؛ مما نتج عنه عدة مآسي .
وكانت فاجعة مقتل الشقيقين، الحسين و جدوان الدعيوي يوم 22دجنبر 2017 إحدى هذه المآسي و لن تكون الأخيرة ؛ اذا لم تقم الدولة بتنفيذ بنود الاتفاق .هذه الفاجعة أججت مشاعر الغضب و السخط لدى الساكنة ؛ خصوصا أن عدد من توفي في هذه الظروف وصل إلى 42 ضحية .
ـ حلقات يكتبها الفاعل السياسي والحقوقي الأستاذ عبد العزيز بلحسن .
في الحلقة الرابعة، سنتطرق لاستخراج التقليدي و طريقة تسويق المنتوج و أصحاب رخص التنقيب و الاستخراج و علاقة كل هذا بالحراك الشعبي و السلمي .