السبت 27 إبريل 2024
كتاب الرأي

محمد المرابط: انفراج حراك الريف رهين بتجاوز عقدة التصلب المخزني

محمد المرابط: انفراج حراك الريف رهين بتجاوز عقدة التصلب المخزني محمد المرابط

إذا استثنينا المسار القضائي وما يحبل به من جديد أوراقه، لمن يروم الاقتراب من دائرة قراءة نوايا المخزن التأديبية من غيرها، في حق المعتقلين، كحديث محامي الدولة، الأستاذ إبراهيم الراشدي عن خسارات الحراك المادية،علما أن موقفي من معرفة الحقيقة كما سيظهرها هذا المسار، إنما لخدمة أفق المصالحة، من مدخل العفو العام وجبر الضرر. إذا استثنينا هذا الجانب، فإن محاور تعبيرات الحراك تزداد وضوحا ونضجا، مما يستوجب قدرا من مواكبتها لتحصين خطوات تشكلها الجديد، على أرضية  صياغة الحل السياسي لملف الحراك.

1- البداية من اللقاء الأوروبي المرتقب يومي 3 و 4 فبراير 2018 بفرانكفورت، من أجل انعطافة جديدة في عمل اللجن الأوروبية لدعم الحراك، من منطلق"الوحدة والتضامن والعمل المنظم المسؤول". هذا اللقاء، سبقته أجواء نقدية لعمل اللجن والتنسيقية الأوروبية، وللنزوع الجمهوري في الركوب على الحراك، ولموجات التخوين والسب. وقد صدر هذا النقد حتى من موقع الحراك بتامسينت. كما واكبت إعلانه، موجة مقاطعته من طرف مصطفى ورغي ويوبا الغديوي. لكن هذه الممانعة الجمهورية سرعان ما ستتوارى ظاهريا على الأقل، لنقف على إعلان حضور بلال عزوز وعبد الصادق بوجيبار لهذا اللقاء، بالرغم من تساؤلات بوجيبار حوله. كما يأتي هذا اللقاء، في سياق نقاش أطره الناشط الريفي سعيد الفار حول: حراك الريف واليسار، أية علاقة؟ لردم الهوة بين الحراك واليسار. ويأتي أيضا في سياق فرش نظري من طرف الناشط الحقوقي سعيد العمراني في"حديث الأربعاء" والذي انتقد الورغي وخميس بوتاكمنت لتعرضهما بالنقد للمنتدى بهذا الصدد. وعليه يكون ديموقراطيو الخارج في طليعة صياغة توافق يجعل الحراك في أوروبا ملتزما بسقف الملف المطلبي وإطلاق سراح المعتقلين. وبهذا يكون هذا المكون في موقع الرافد الداعم لديموقراطيي الداخل.

2- منذ شهور و"منتدى حقوق الإنسان لشمال المغرب"، يعتزم تنظيم ندوة حول "الحراك وسؤال الديموقراطية وحقوق الانسان"، تلتئم فيها نخبة الوطن والريف وعائلات المعتقلين، لمقاربة الحراك حقوقيا وسياسيا، بغاية نحت قناعة جماعية بضرورة الحل السياسي لملف الحراك، على أرضية تعاقدات جديدة من منطلق تكامل الدولة والمجتمع. لكن هذه الندوة تم منعها بالحسيمة، فقلنا: إن الخزامى تعيش حالة استثناء غير معلنة، وتساءلنا هل لظهير العسكرة تعبيرات أخرى غير التي حسم فيها نظريا وزير الداخلية؟ وتمسك المنتدى بتنظيمها في إحدى مدن الشمال، لكن المنع يأتي مرة أخرى من مرتيل، مما يبين أن الحراك أصبح ممنوعا كموضوع للتفكير. وهذا أمر لا يبعث على الارتياح إطلاقا. وأعتقد أن هذا المنع المركزي الذي لن تستطيع السلطة تبريره بوضعه على مقاس شعار المفهوم الجديد والمتجدد للسلطة، من شأنه تغذية مخططات الجمهوريين الذين يستعجلون الأسباب للمرور إلى مخطط B .وحتى  سعيد العمراني من صف الديموقراطيين، لم يستبعد خيارات أخرى في حال صدور الأحكام على المعتقلين، على قاعدة الاتهام بالإنفصال.

والملاحظ أن هذا المنع يتزامن مع هجمة الجمهوريين وأصحاب الحكم الذاتي للريف، على اليسار و المنتدى، وهذا أمر في حاجة إلى تفسير. لكن المنتدى بالمقابل، أظهر بانفتاحه وحساب خطواته، مصداقية أكبر في الفعل المسؤول، وهو ما سيحرج لاحقا العقلية المخزنية، التي لا تراعي متطلبات منطق الدولة الديموقراطية.

3- حضور الزفزافي الأب (اعزي أحمد)، وحديثه في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الرابع للحزب الاشتراكي الموحد، يستدعي وقفة خاصة، حتى وأنا لا أوافقه حديثه باسم الحراك، ولا باسم الريف، ولا بطريقة استدعاء التاريخ واستعادته. لكنه كان موفقا في "تحلية" الأستاذة منيب، وأيضا لما اعتبر أن "العالم كله معنا، حتى عاهل البلاد معنا، بدليل خطبه الأخيرة، مضامين خطبه الأخيرة، ولسنا ندري من هو ضدنا"؟

حضوره هذا المؤتمر، هو خطوة، في تقديري، على طريق مصالحة الحراك مع الوسائط السياسية. ومن قبله حضرت أم المعتقل محمد جلول، للوقفة الاحتجاجية التي نظمتها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان والمنتدى، بالحسيمة بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان، إذ كان الحراك بحديثه عن "الدكاكين السياسية"، وليس الانتخابية، وبدون تمييز، يضمر في أحسن الأحوال فوضوية سياسية ،سواء نهلت من الكتاب الأخضر للقذافي أو من فوضوية اليسار الأوروبي في حقبة غابرة. فهو بهذا الحديث كان عمليا يصادر على مطلوب الجمهوريين، الذين يرون في الأحزاب المغربية أدوات لما يسمونه بـ "الاحتلال العلوي للريف".

نخلص من كل ما سبق، إلى انتظام ديموقراطيي الخارج ضمن استراتيجية النضال الديموقراطي بالداخل، وإصغاء الجمهوريين ولو كرها لشيء اسمه ضرورة التنظيم، وشروع عائلات المعتقلين في إدراك أهمية القوى الحية لتحصين مكتسبات الحراك واحتواء أخطائه. فقط في مشهد هذه التحولات، يبقى المخزن غير قابل للتطور. ألا يستدعي كل هذا التكلس المخزني، المضر بآصرة اللحمة الوطنية، ورصيد البلاد في الإنصاف والمصالحة، وإرادة التوجه الجماعي والواعي نحو المستقبل، تدخل صاحب الأمر لإعادة الأمور إلى نصابها؟