الأحد 8 سبتمبر 2024
كتاب الرأي

محمد آيت ايدير: بسبب الجمعيات تعديل القانون التنظيمي للجماعات الترابية ضرورة آنية

محمد آيت ايدير: بسبب الجمعيات تعديل القانون التنظيمي للجماعات الترابية ضرورة آنية

تناولت بعض المنابر الإعلامية، مؤخرا، تعثر اتفاقيات الشراكة والتعاون المبرمة بين مجالس الجهات والجمعيات المحلية بسبب الفصل 162 من القانون التنظيمي للجهات الذي يقيد هذه المشاريع؛ حيث أعطي الأفضلية لجمعيات معترف لها بصفة المنفعة العمومية دون غيرها من الأغلبية العظمى من الجمعيات، وأشارت إلى مطالبة بعض مسؤولي الإدارة الترابية من الوزارة الوصية بفتوى للخروج من هذا المأزق القانوني.

"بلوكاج" اتفاقيات مجالس الجهات مع الجمعيات، يهم أيضا مجالس العملات والأقاليم والجماعات المحلية، لهذا ستجد وزارة الداخلية نفسها في ورطة بعد أن تتوصل بعدد من مشاريع اتفاقيات الشراكة والتعاون بين الجماعات الترابية (مجالس الجهات والأقاليم والعملات والجماعات المحلية) والجمعيات قصد التأشير عليها من طرف ممثليها في الجهات من ولاة وعمال، خصوصا وأنهم أمام نصوص تنظيمية لا يمكن تجاوزها، وتتضمن كلها فصلا ينظم اتفاقيات الشراكة والتعاون بين الجماعات الترابية والجمعيات ينص على وجوب توفر صفة المنفعة العمومية في الجمعيات التي تسعى إلى عقد اتفاقيات الشراكة والتعاون مع الجماعات الترابية.

بالرغم من الأدوار المتقدمة التي أتى بها دستور 2011 فيما يتعلق بمشاركة الجمعيات في تدبير الشأن المحلي وأقرتها القوانين التنظيمية للجماعات الترابية (مجالس الجهات والأقاليم والعمالات والجماعات المحلية) إلا أن الفصل المنظم لشروط إبرام اتفاقيات التعاون والشراكة مع الجمعيات يتعارض مع التوجه العام القاضي بإعطاء الفرصة للجمعيات للمساهمة في التنمية المحلية، ويفرض عليها أن تكون لها صفة المنفعة العمومية، وهو شرط لا يتوفر في أغلب الجمعيات المحلية على المستوى الوطني، وقد يكون هذه النص وسيلة يستغله البعض لتقزيم دور المجتمع المدني في التنمية، وفتح باب الانتقاء والمحسوبية.

إذا كان الغرض من اتفاقيات التعاون والشراكة بين الجماعات الترابية والجمعيات المحلية هو سد الخصاص وتخفيف الضغط على هذه المجالس وتحقيق تكامل بين العمل الجماعي والفعل الجمعوي، فإن حرمان الجمعيات من الاتفاقيات باشتراط صفة المنفعة العمومية ستكون له آثار سلبية على أرض الوقع محليا نظرا للخدمات التي تقدمها الجمعيات في ميادين مختلفة وحساسة، اجتماعية، بيئية، تنموية، رياضية، ثقافية...، وسيزيد ذلك من تفاقم المشاكل التي تعاني منها الجماعات الترابية وخاصة الفقيرة منها والتي تتواجد بالعالم القروي والمناطق التي تعرف الهشاشة.

وينص القانون التنظيمي رقم 111.14 المتعلق بالجهات في فصله 162، والقانون التنظيمي رقم 112.14 المتعلق بالعملات والأقاليم في فصله 141، والقانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات في فصله 149 على: (... تبرم فيما بينها أو مع جماعات أخرى أو مع الإدارات العمومية أو المؤسسات العمومية أو الهيئات غير الحكومية الأجنبية أو الهيئات العمومية الأخرى أو الجمعيات المعترف لها بصفة المنفعة العمومية اتفاقيات للتعاون أو الشراكة من أجل إنجاز مشروع أو نشاط ذي فائدة مشتركة لا يقتضي اللجوء إلى إحداث شخص اعتباري خاضع للقانون العام أو الخاص).

لهذا فإن الضرورة الملحة تقتضي العمل على تعديل النص بدل الإجهاد والتأويل، لإتاحة الفرصة أمام آلاف الجمعيات المحلية للقيام بأدوارها الدستورية كاملة دون قيود والمساهمة في التنمية المحلية خصوصا وأن عدد الجمعيات بالمغرب إلى متم سنة 2015 يتجاوز 130 ألف جمعية موزعة على مختلف المدن والمراكز والقرى، فيما الجمعيات المعترف لها بصفة المنفعة العمومية لا تتجاوز 217 جمعية جلها متمركزة في محور الدار البيضاء والرباط.

 فكيف يمكن الحديث إذن عن مساهمة فعالة للجمعيات في التنمية المحلية في جماعات تعرف الفقر والهشاشة وضعف الموارد المالية بعد أن منح المشرع الامتياز لجمعيات ذات المنفعة العمومية على حساب آلاف الجمعيات!؟.