الخميس 28 مارس 2024
كتاب الرأي

أحمد بومعيز: ... هي "جرادة " أيضا تذكرنا بأزمة التنمية والحكامة، فأين الحكمة؟

أحمد بومعيز: ... هي "جرادة " أيضا تذكرنا بأزمة التنمية والحكامة، فأين الحكمة؟ أحمد بومعيز

يشاء قدر الفقر أن يذكرنا مرة أخرى، ونحن نودع السنة الميلادية 2017، أن ثمة أزمة تهدد سلمنا الاجتماعي... فحدث أن مات تحت الأنقاض بمدينة جرادة بشرق المغرب شابان شقيقان كانا بصد البحث عن لقمة تحت تراب وصخور منجم فحم مهجور، وأبدا لم يكن المنجم منسيا ولا مهجورا من قبل الأهالي، حتى وإن كانت جرادة منسية ومتروكة لبؤسها ولقدرها.

تذكرنا الفاجعة بأحداث الريف في الشمال التي اندلعت بعد موت بائع سمك كان يحاول إنقاذ سمكه من الإتلاف، كما تذكرنا بموت خمس عشرة امرأة تدافعا بضواحي الصويرة وهن يحاولن الحصول على قفة بها سكر وزيت ودقيق رخيص، كان بصدد توزيعها محسن تعود إعلان الإحسان عنوة..

لا يمكن أن ننكر الفقر المعلن والموزع على ربوع الوطن  بالتساوي، لكن يمكن أن نستنكر الوقائع والفواجع والمقاربات السياسية والتدبيرية لمعيش المواطن أينما كان، في المدن كما في القرى، في الشمال وفي الشرق وفي الغرب وفي الجنوب.. وإذا أدت أحداث الريف إلى زلزال سياسي هز مضجع المسؤولين وبعض الوزراء، وإلى موجة اعتقالات ما زالت تنتظر الحسم، فما وقع مؤخرا في الصويرة وفي جرادة يؤكد أن المسؤولين لم يستوعبوا الدرس، وكأن الأمر لا يعنيهم بالمرة...

الوضع والسياق معا يتطلبان منهجية جديدة في تدبير الشأن العام، وفي تدبير سياسة التنمية في بعدها الشامل. والمعطيات والاستنتاجات تقول إن مؤسسات الوساطة من أحزاب ونقابات تعيش أزمة حقيقية في المغرب، فهي لم تعد تتحكم في الشارع ولا في المطالب، ولم تعد تحسن التفاوض. ولا الحكومة السابقة ولا الحالية قادرة على الاستباق وفي فتح النقاش حول إشكال التنمية. والواقع صار يستفز الجميع، ولا مدخل للسلم الاجتماعي إلا بتبني مقاربة تنموية مندمجة، ليس في الشمال أو في الريف، أو في الصويرة، أو في جرادة، أو حين يموت مواطنون ومواطنات ضحية الفقر والإقصاء، بل في كل أنحاء الوطن، وقبل حدوث الموت القاسي.

فالعزاء كله لمن قضى بحثا عن رغيف أو لقمة عيش باتت صعبة، ولا نتمنى أن ينتظر الجميع حتى يحل الموت...، هنا وهناك، كي يخرج المواطنون المنتظرون تظاهرا وغضبا، لتذكير الدولة والمؤسسات والأحزاب بأن سلمنا الاجتماعي في خطر.