الأربعاء 24 إبريل 2024
كتاب الرأي

مولاي أحمد الدريدي: إشراف الرميد على خطة العمل الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان تكريس لخونجة حقوق الإنسان

مولاي أحمد الدريدي: إشراف الرميد على خطة العمل الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان تكريس لخونجة حقوق الإنسان مولاي احمد الدريدي

بعد تسعة وستين سنة من صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، يلاحظ أن ما تم عولمته وكونيته هي الخروقات الجسيمة لحقوق الإنسان، في حين أن مبدأ الكونية والشمولية اللذين يناضل من أجلهم المدافعون على حقوق ما زالا بعيدي المنال.

إن القوة المناهضة لحقوق الإنسان والتكالبات السياسية والاتفاقيات/ الترضيات السياسية، كانت ومازالت للأسف السبب/ (والعدو) الرئيسي لعرقلة النهوض بحقوق الإنسان.

الإسلام السياسي شكل منذ بروزه أحد أعمدة القوة المناهضة لحقوق الانسان، ولا يزال الإسلاميون على اختلاف انتماءاتهم الحزبية ينتصرون للخصوصية بدل الكونية. وهو الناظم الأساسي لكل تحركاتهم وممارساتهم لتقويض النهوض بحقوق الإنسان وقيمها ومبادئها الكونية، لأنهم يعرفون جيدا أنها هي الصخرة التي ستتكسر عليها كل مخططاتهم الجهنمية لتقويض حقوق الإنسان الكونية.

مخططات هذه التكالبات من طرف الإسلام السياسي المغربي ابتدأت بوضعه في الحكومة السابقة (حكومة بنكيران) وزيرة للمرأة؛ ميزتها الأساسية أنها امرأة ضد حقوق المرأة؛ وقد سبق وأن صرحت هذه الوزيرة مرة في موضوع زواج القاصرات "لما لا إذا كانت البنت ناضجة بالتعبير الذي استعملته -ثامرة- لماذا لا نزوجها رغم أنها قاصر". إنها أول خطوة في مخطط خونجة/ أخونة حقوق الإنسان.. فهذه المرأة عدوة لحقوق المرأة لم تتوان في محاربة الجمعيات النسائية المتشبعة بمبادئ حقوق الإنسان الكونية وأفرغت كل القوانين المنتصرة لحقوق الإنسان وحقوق المرأة من مضامينها الحمائية للمرأة (مثال على ذلك، مشروع القانون 103-13 المعروض حاليا على مجلس المستشارين،) وقد حولت وفرخت مجموعة من مراكز "مناهضة العنف!!!" لمراكز تشتغل على "الوساطة!!" لإرجاع النساء المعنفات إلى بيت الزوجية "بيت الطاعة". (يقال إن هذه الوزيرة تعيش كزوجة ثانية؟؟؟!! كيف لمن تقبل هذا الوضع أن تنتصر للمساواة).

الهدف من خطة عمل وطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان هو سن سياسة عمومية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان استجابة للتطور الذي شهده مجال حقوق الإنسان على المستوى الدولي، والمتمثل أساسا في وضع عدد من البروتوكولات الاختيارية والوثائق التي تروم تطوير حقوق الإنسان، بما في ذلك ما أسفر عنه المؤتمر العالمي حول حقوق الإنسان بفيينا سنة 1993 من توصيات أكدت إحداها على ضرورة أن "تنظر كل دولة في استصواب صياغة خطة عمل وطنية تبين الخطوات التي ستحسن الدولة بها تعزيز وحماية حقوق الإنسان"...

فوضع استراتيجية وطنية لتعزيز وحماية حقوق الإنسان يدخل في صلب السياسات العمومية من خلال توفر الدول على إطار منسجم يتيح التنسيق بين مختلف العمليات والتدابير الرامية إلى تحسين المعرفة ونشر وتعزيز واحترام وتدعيم حقوق الإنسان والمواطنة. وذلك من خلال سياسات عمومية مبنية على: احترام وضمان حقوق الإنسان؛ المساواة وعدم التمييز؛ شمولية حقوق الإنسان؛ سيادة القانون؛ سمو المعايير الدولية على القانون الداخلي، ملاءمة التشريعات مع المعايير الدولية؛ إشاعة ثقافة حقوق الإنسان؛ ترسيخ وتكريس الحكامة الجيدة في مجال تدبير الشأن العام؛ استحضار حقوق الإنسان في مجال التنمية البشرية.

فهل وزير الدولة المكلف كذلك بحقوق الإنسان ممكن أن يقوم بإعمال هذه الخطة؟ الجواب لا، لن يقدر وهدفه ليس الانتصار لحقوق الانسان؛ فهذا الرجل هو من قاد كارثة بعجرفة واستهتار التحالف المعادي لحقوق الإنسان المتمثل في حكومة الإسلام السياسي والقوى المحافظة في هياكل سلطة الدولة، حيث حصل المغرب على نتائج كارثية في دورة مجلس حقوق الإنسان الأخيرة بجنيف.

حيث عبر الرميد أمام مجلس حقوق الإنسان عن رفض الحكومة للتوصيات التالية الخاصة بـ: حقوق النساء، الحقوق الفردية، حقوق الصحافة في التعبير، حقوق الطفلات في الحماية من الاغتصاب تحت يافطة الزواج (كزواج الطفلات في سن أقل من 18 سنة)، الحق في الحياة (مناهضته لعقوبة الإعدام)، استمرار الإفلات من العقاب (برفضه المصادقة على اتفاقية المحكمة الجنائية الدولية).

وقد برر الرميد الانتكاسة باعتبار أن رفض الحكومة للتوصيات المذكورة، على اعتبار أنها تتعارض مع ثوابت الدولة المنصوص عليها في الدستور...

إن الوزير مصطفى الرميد هو أول من يجب أن يستهدف من خطة الديمقراطية وحقوق الانسان.

إن اهم عناصر الخطة هو تعزيز القدرات وبما أن الرميد هو من سيشرف على إعمال الخطة، وبما أنه أبان على أنه بعيد كل البعد على المبادئ الكونية لحقوق الإنسان؛ فإن نجاح الخطة رهين بمدى نجاح تدعيم قدرات الرميد حتى يتخلى عن أفكاره وممارساته المناهضة لحقوق الإنسان.

أمامنا 100 يوم من تاريخ إطلاق الخطة؛ فإذا تمكنت من تدعيم قدراته كمشرف عن الخطة، فإن الخطة ستنج؛ ولنضع لهذا النجاح بعض المؤشرات لقياسه .

- فسيكون المؤشر الأول، وهو تدعيم قدراته في مبادئ حقوق المرأة والمساواة بين الجنسين، ويعني ذلك تخليه عن التشبث بالتعدد!!!؟ وإلا فالمؤشر صفر يجب أن تبقى لديه على الأكثر زوجة واحدة!!!!!!!

- المؤشر الثاني له علاقة بحقوق الطفل.... تخليه عن الدفاع على زواج القاصرات فدافعه عن تبرير زواج الطفلة يجعل منه شخص معادي لحقوق الانسان (وفي خانة الدفاع عن البيدوفيليا المقننة)، بل ويثير موقفه سخرية الشعوب المتحضرة التي ستنظر إلى المغرب كبلد متوحش غارق في الظلامية.

- المؤشر الثالث الحقوق الفردية وتخليه عن ممارساته التي تندرج في إطار رهاب المثلية الجنسية homophobie   الذي يفرض نفسه على حرية الأفراد ويتدخل بشكل عنيف في حياتهم الشخصية وقد يتطور موقفه ليصل إلى حد فرض نوع من المأكل والمشرب، وهو تدخل في حقوق الآخرين أو كما يقول المثل الأمريكي: تنتهي حريتك لما تطال يدك الممدودة أنف رجل آخر..

- المؤشر الرابع أن يقبل بإلغاء عقوبة الاعدام كمطلب كوني لكل الحقوقيين، حتى لا تصبح العدالة بمعنى عدالة الثأر والانتقام..

إذا لم يغير الرميد خانة وجوده بالنسبة لهذه المؤشرات، ويحيد عن معاندته مناخ العصر باعتباره شرط واقف على نجاح الخطة أو نعلن مسبقا فشلها الذريع لأنها تحمل في طياتها أسباب إخفاقها، فنحن إذن أمام خيارين لا ثالث لهما: إما أن يبحث المغرب عن أسباب النجاح وهذا يتطلب من الوزير تطويع ميولاته المذهبية حتى تتوافق مع كونية حقوق الانسان، ما عدا ذلك فالخطة فاشلة مسبقا والمغرب لن يكون إلا أضحوكة أمام المنتظم الدولي، لأنه ببساطة لا يمكن لشخص منذور لخدمة المشروع السياسي المذهبي لحزب إسلامي أن يأسر مستقبل شعب بأكمله ويفرض عليه قسرا العيش معاكسا لمناخ العصر، أي مستقبل هذا الذي ينشده هذا الإخواني للمجتمع المغربي؟