الجمعة 20 سبتمبر 2024
كتاب الرأي

عبد النبي اضريف: اعتنوا بنا قبل أن يغمى علينا

عبد النبي اضريف: اعتنوا بنا قبل أن يغمى علينا

لا املك الآن إلا 25 درهما، أوي أن أتناول بها طعام الغداء في الواجهة الأخرى من الطريق، لكن لحد الساعة مازلت لم أجد الممر الخاص بالراجلين، في الحقيقة خفت أن اختلس المرور بدون تطبيق قانون 25 درهم، لأن عيون الشرطي تترقبني، و الجوع اشتد بي، إما أن أغامر أو أموت جوعا، بين سندان الجوع و مطرقة الشرطي، إنني أمام مطعم البوكاديوس، الذي طالما تمنيت و أنا طالب، أن أجلس كبقية خلق الله، وأطلب أغلى وجبة، بالكفتة و الفروماج دوبل، و قنينة ميراندا ليمون، وأعطي الحلوان للنادل، وانتظر ثناءه علي، وأطلب كوردون لا تظاهر بأنني أنظف أسناني، لعلني أصادف بعض معارفي صدفة، وأنا أخرج من السناك، لكن عيون المخزن تترقبني، فكرت في أن أعدو غير مبالي، واحتمي بصاحب السناك، الذي يمكنه أن ينقذني من الشرطة، لان أصحاب السناكات عادة ما يتقربون من أصحاب النفوذ، عندما يزورونهم، بإعفاءهم من ثمن الوجبة،  لكن هذه المغامرة غير مضمونة، تارة يكون صاحب المقهى صاحب النفوذ، ولا يعطي قيمة للشرطي فيقول له طبق القانون، يعني أن تمشي في مهب الريح، والاكثر من ذلك مازالنا لم نعرف التسعيرة المطبقة على الفارين، لان المسألة غير مضمونة، لا يمكنني أن أخالف قانونا أجهل عقوباته، أنا الآن بين نارين، ماذا عساي أن أفعل، اشتد بي الجوع، ولم أجد الطريق، فكرت أن اخذ سيارة أجرة لتنقلني إلى الواجهة التي لا تبعد عني إلا ب 10 امتار، ففكرت في حل أخر،  هو أن أسأل الشرطي عن الطريق ، ففعلت، لكن أجابني جوابا غريبا، انه هو بنفسه يجهل الممر، وقلت له في هذه الحالة ماذا نفعل أنا و أنت؟ قال لي تحدت عن نفسك، فانا منهم، وقلت له عفوا، أنا يا سيدي البوليسي دون أنت، قال لي مازلت انتظر التعليمات منذ البارحة، فقلت له ساعدني أريد أن آكل ، قال الشرطة لا تقدم الوجبات، فجلست بجانبه ننتظر التعليمات، طرحت على مخيلتي، أن أكتب ورقة و أضع فيها 25 درهما و أقذفها تجاه المطعم، لعلهم يهيئون الوجبة ويتبنوا نفس طريقتي، لكن الشرطي قال لي هذا تحايل على القانون ، لان طريقة عبور الطريق فيها مس بسلامة المارة، فقلت ماذا افعل سيدي، قال لي لتنظر التعليمات، انتظرت ساعة حتى أغمي علي،  فوجدتني بين جمع من الناس، هناك من يضع البصل في انفي، ومن ينفخ في فمي ووووالى أن جاءت الاسعاف ، وفي طريقنا إلى المستعجلات ، توقفت قرب صاحب السناك، فقفزت وأخذت وجبتي المفضلة بوكاديوس كفتة و فروماج دوبل، وقنينة ميراندا، كانت هذه الوسيلة الوحيدة التي أنقدتني من الشرطي و قانون 25 درهم، لو لم أتظاهر بالإغماء ما كتبت هذه السطور. أرجوكم اعتنوا بنا قبل أن يغمى علينا، وقبل أن نموت، وقبل أن تلتهمنا قوارب الموت. تحياتي وقبلاتي...