السبت 20 إبريل 2024
كتاب الرأي

خالد الشرقاوي السموني: من أجل علاقة جديدة بين أوروبا وإفريقيا

خالد الشرقاوي السموني: من أجل علاقة جديدة بين أوروبا وإفريقيا خالد الشرقاوي السموني

احتضنت العاصمة الإيفوارية، أبيدجان، يومي 29 و30 نونبر 2017، الدورة الخامسة لقمة الاتحاد الإفريقي- الاتحاد الأوروبي، التي تنعقد في لحظة حاسمة من تاريخ الشراكة بين الاتحادين، وفي الوقت الذي شرع فيه الاتحاد الافريقي في إصلاحات ترمي إلى مراجعة وبحث شراكاته الاستراتيجية لجعلها أكثر استجابة وملاءمة لاحتياجات شعوب القارة السمراء، وإلى صياغة جديدة لمعايير هذا الإطار التعاوني الذي بلغ اليوم سنته العاشرة، وذلك منذ اعتماد الاستراتيجية المشتركة إفريقيا-الاتحاد الأوروبي سنة 2007 من قبل رؤساء الدول والحكومات خلال القمة الثانية بليشبونة .

وتكتسي القمة أهمية بالغة لأنها ستناقش موضوعا هاما هذا العام، تحت عنوان "تسخير العائد الديمغرافي من خلال الاستثمارات في الشباب"، باعتبار أن الشباب يشكل أكثر من 60% من سكان إفريقيا، وبالتالي هناك حاجة ماسة إلى تحسين الوضع الحالي لهذه الفئة الاجتماعية الأكثر نسبة من حيث العدد من المواطنين الأفارقة، الأمر الذي سيجعل كل القرارات التي ستتخذ، حول هذا الموضوع، خلال القمة سيكون له أثر كبير على توقعات مستقبل افريقيا.

وفي هذ السياق، لا بد أن نشير إلى الخطاب الذي سبق أن وجهه جلالة الملك محمد السادس إلى القمة 29 لقادة دول وحكومات الاتحاد الإفريقي، التي انعقدت في يوليوز المنصرم بأديس أبابا، عندما شدد على أن مستقبل القارة يمر بالضرورة عبر شبابها، وما يمكن أن يضطلعوا به من أدوار في أي مشروع التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

وعلى هذا الأساس، فإن إفريقيا أمامها فرصة غير منتظرة للاستفادة من يد عاملة شابة ومتعلمة ووافرة لتطعيم نموها الاقتصادي، وهذ لن يتأتى إلا من خلال وضع حد لظاهرة البطالة التي تضرب بقوة شباب القارة، والنهوض بقطاعات التربية والتعليم العالي والتكوين المهني، والاستفادة من المؤهلات الكبيرة التي يتوفر عليها الشباب الإفريقي.

وإضافة إلى موضوع الشباب، انكبت قمة الاتحاد الإفريقي-الاتحاد الأوروبي أيضا على عدد من المواضيع ذات الأهمية، ومنها السلم والأمن، والحكامة، والديمقراطية، وحقوق الإنسان، والهجرة، والتنقل، والاستثمارات، والتجارة، وتطوير الكفاءات، وإحداث فرص الشغل.

وهنا لا بد من التأكيد على وضع تعريف جديد للشراكة بين الاتحاد الافريقي والاتحاد الأوروبي يرتكز على الاحترام المتبادل والمساواة والحرية والتضامن.

فينبغي على أوروبا أن تحكمها الأخلاق في علاقتها مع دول افريقيا، وأن تسعى لبناء علاقاتٍ إنسانيةٍ محترمةٍ معها إيماناً بذلك، وإقراراً بحقها في الشراكة معها على قاعدة المساواة، والشراكة الحقيقية المتزنة بين الشعوب.

إن أوروبا مدعوة لتجاوز العقلية التقليدية بكون إفريقيا في حاجة فقط إلى مساعدات مالية أو قروض. ولذلك، لا بد من علاقة جديدة مع إفريقيا تقوم على الاحترام المتبادل والتكافؤ والنفع المشترك، تبعدها عن الهيمنة الاقتصادية التي اعتادت عليها، وتحميها من النهب والاستغلال.

وسيكون أمام الزعماء من دول افريقيا وأوروبا فرصة ثمينة لتحديد التوجهات السياسية الكفيلة برفع التحديات التي يواجهها الطرفان، بما سيجعل من الدورة الخامسة لقمة الاتحاد الإفريقي – الاتحاد الأوروبي تعلن نفسها حتى قبل بدايتها دورة حاسمة من أجل الأجيال القادمة.

ولا يفوتنا في هذا الحديث أن نذكر بحرص المملكة المغربية على أن تقوم الشراكة بين الاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي على دينامية جديدة لمستقبل إفريقيا وأوروبا، وأن هذه الشراكة الاستراتيجية يجب أن تكون متوازنة وتصب في مصلحة الطرفين .

 وعليه، لابد من تجاوز المنطلق القديم لدى الكثير من القادة والسياسيين الأوروبيين الذين يعتبرون دول إفريقيا عبارة عن دول متخلفة وفقيرة وتابعة، وأنها في حاجة إلى الغرب لتطويرها، في الوقت الذي تتوفر فيه هذه الأخيرة على الموارد البشرية والطبيعية والامكانات الهائلة التي قد تمنح الأسواق الافريقية منافسة نظيرتها الأوربية، إذ استطاعت إفريقيا تأهيل واستغلال هذه الموارد والإمكانات .

إن إفريقيا تمر بفترة حاسمة، وخصوصا على المستوى الاقتصادي، وأنها مدعوة أكثر من أي وقت مضى لاتخاذ قرارات هامة، ولاسيما في ميادين التشغيل والشباب، والتعليم، والولوج إلى التكنولوجيا المتقدمة، والعلوم والمعرفة. ولا شك أن عودة المغرب إلى الاتحاد الافريقي سيكون له دور بالغ في الدفع بمسلسل التنمية في القارة السمراء.