الأربعاء 24 إبريل 2024
مجتمع

عِبرة صورة مشحونة بالرمزيات عسى أن يتعظ الساقطون ببلادنا

عِبرة صورة مشحونة بالرمزيات عسى أن يتعظ الساقطون ببلادنا أحمد أريري يغرس فسيلة شجرة باسم أخته لينة التي تقف إلى جانبه
السياسة رموز. والصورة المرفقة بالمقال، مشبعة بالرموز. إنها لأبناء أخي الأصغر طارق المقيم بفرنسا الذي اختار الاستقرار هناك فور إكماله لدراسته الجامعية.
أمس السبت 25 نونبر 2017، وفي إطار تواصل عائلي عادي بالهاتف، أخبرني أن السلطات الجماعية بالبلدية،التي يسكن فيها، أخبرته أن عليه اصطحاب ابنته لينة لكي تزرع شجرة باسمها في الفضاء الغابوي التابع لجهة باريز ile_ de _ france. 
وحسب ما شرحه لي أخي طارق، فالعملية تهم 200 عائلة وقع عليهم الاختيار لتزامن يوم زرع الشجر مع تاريخ ولادة أبنائهم، واختير لها كشعار: "مولود واحد،شجرة واحدة"، مع تسمية كل شجرة باسم البنت أو الولد الذي يصادف يوم ميلاده يوم 25 نونبر . الغاية من ذلك تحسيس النشء وجعل الطفل يرتبط بالشجرة التي تحمل اسمه بالرجوع إليها كل خمس سنوات ليعاين نموها ويواكب تطورها حتى تصبح شجرة باسقة فيتعلق بها ويتعلق بالخضرة وبالطبيعة وبالنباتات. العملية  يشرف عليها تجمع الجماعات  groupement val parisis ، وهو تجمع يضم 15 جماعة محلية بجهة باريز. وتتوخى هذه العملية زرع 4000 شجرة في سنة 2017 تحت إشراف وكالة المساحات الخضراء بجهة باريز AEV، وهي الوكالة التي كلفها المشرع بجهة باريز بتنفيذ المخطط الغابوي للفترة 2013/2027 المسطر من طرف المجلس الوطني للغابات ONF.
ماذا نستخلص من هذه الواقعة؟
في ظني هناك ثلاثة دروس على الساقطين بجماعاتنا وجهاتنا ومؤسساتنا الحكومية والإدارية الاستئناس بها:
أولا: التخطيط المعقلن وإشراك الساكنة في السياسات العمومية المحلية لضمان أوسع انخراط في تنفيذ هذا المخطط أو ذاك.
ثانيا: التقائية السياسات العمومية لدى كافة الشركاء من بلديات ومجموعة الجماعات والوكالة الوطنية للمساحات الخضراء وجهة باريز والمجلس الوطني للغابة، أي أن كل الأجهزة العمومية تنسق قبلا لضمان مردودية ونجاعة في تنفيذ سياسة محلية ما.
ثالثا: التشدد في التعامل مع الحق في الخضرة والمساحات الخضراء للفرنسيين كخط أحمر لا يجب التساهل في تنفيذه، بدليل أن باريز ومحيطها تفتخر بكونها من الميتروبولات العالمية التي تتوفر على معدل أعلى في حصة المواطن من المساحات الخضراء (12متر مربع لكل مواطن بجهة باريز، بينما في الدار البيضاء لا تتجاوز النسبة متر مربع لكل مواطن مع كافة التحفظات على كيفية زرع وسقي وصيانة الأشجار والمساحات الخضراء القليلة بالبيضاء).
المغرب يعرف كل عام ولادة 400 ألف طفل، ولو أن الساقطين في الحكومة والبرلمان والجماعات والجهات ومندوبية المياه والغابات سنوا تقليدا إجباريا بغرس سفيلة شجرة لكل مولود جديد، فلي اليقين أن مدن المغرب وقراه ستعرف في ظرف 5 أعوام إشراق 2 ملايين من الأشجار الوارفة والمثمرة. والأجمل لو تم وضع اسم مولود على كل تلك الأشجار فستصبح ملكا خاصا بحيازة عمومية، ولأمكن للمغرب أن يتجنب الإحراج مع منظمة الصحة العالمية التي تضع المغرب في خانة الدول التي تعدم البيئة ولا تحترم الحق في تمتيع السكان بالحد الأدنى من المساحات الخضراء.
والفظيع أن المغرب يسوق نفسه للعالم بأنه الحاضن لـ "كوب 22"، في حين أنه بلد الزفت و"الجحيم الحضري  22"!
فاللهم أنقذنا من عقم منتخبينا ومن تكلس ولاتنا ومن أورتوذوكسية عمالنا و من الفقر الفكري لمناديبنا السامين؛ اللهم انقل عدوى val parisis للمغرب لتزهر ضواحي مدننا بالمنتزهات، ولتقترن أسماء أبناؤنا "بالورد والشجر بدل أن تقترن بـ"جوان" أو "معجون" أو "بولة حمراء".
إنك على كل شئ قدير.