Monday 30 June 2025
مجتمع

هكذا قضى مهاجرو جنوب الصحراء ليلتهم بعد أحداث الشغب والتخريب في الدار البيضاء..

هكذا قضى مهاجرو جنوب الصحراء ليلتهم بعد أحداث الشغب والتخريب في الدار البيضاء.. من مسرح الأحداث

الساعة تشير الى الواحدة والنصف صباحا من يومه السبت 25 نونبر 2017 في الوقت الذي استسلم فيه العشرات من مهاجري جنوب الصحراء للنوم، ظل أضعافهم مستيقظين حتى هذه الساعة المتأخرة من الليل..

ليلة عصيبة قضاها ساكنة درب السلطان بالدار البيضاء وبالضبط على مستوى تقاطع شارع لاكروى وطريق اولاد زيان، حيث احتدمت المواجهات بين هؤلاء الأفارقة وشباب الحي في مغرب يوم أمس الجمعة 24 نونبر الجاري، تعددت روايات أسباب هذه المواجهة، لكن النتيجة هي تكسير عدد من السيارات التي كانت مصطفة في الأزقة المحيطة بمسرح الأحداث، وتخريب واجهات بعض المحلات، وتراشق متبادل بالحجارة، وتكوين مجموعات متصارعة، بل وإحراق متعمد للأغراض الشخصية مملوكة لمهاجري جنوب الصحراء، لعدة دقائق تحولت أزقة درب المنجرة ومحيط محطة أولاد زيان لحرب شوارع، قبل أن تتدخل القوات العمومية لفض الاشتباكات دون تسجيل أي حالات اعتقال، كما ذكر مصدر أمني لجريدة "أنفاس بريس"..

"قتلونا خويا بريحة الخنز، فهم يقضون حاجاتهم في الشارع العام، ويقومون بحركات لا أخلاقية للساكنة الذين ضجروا منهم، يقول احد شبان الحي، مضيفا، غير ما مرة مشينا للعمالة لتقديم شكايات في الموضوع، لكن دون جدوى، بدواعي ان مشكل المهاجرين الأفارقة، يهم سلطات الرباط"..

اما مواطن آخر فيحكي لجريدة "أنفاس بريس"، كيف انه أصبح يفكر جديا في الرحيل عن العمارة التي تطل على مخيم الافارقة، بتقاطع شارعي اولاد زيان ولاكروى، وقال: "اصبحنا نعيش تهديدا حقيقيا صباح مساء، نتيجة "استعمار" هذه الحديقة التي كانت متنفسا اخضرا لاطفالنا، لتتحول لمخيم من بيوت البلاستيك، لأشخاص مجهولي الهوية، قد يرتكبون جرائم وليس هناك سبل لمتابعتهم ماداموا لايتوفرون على أي بطاقة هوية، ولِّينا خايفين على بناتنا وعيالاتنا، وما يستتبع وجودهم من تحويل الفضاء الى مراحيض مفتوحة.. بجدية هناك تفكير جماعي لساكنة العمارة في الرحيل، اذا ما استمر الوضع بهذا الشكل"..

مواطنة اخرى، أكدت بالقول: "نحنا لسنا عنصريين، وهناك مهاجرون سريون مغاربة في أوريا، لكن هؤلاء امر آخر، لايحترموننا ويتحرشون بنا، ما يگر فيهم خير، ولايمكن ان نؤدي ثمن انفتاح المغرب على افريقيا بهذا الشكل المريع، على الدولة ان تتحمل مسؤولياتها، وتضعهم في مراكز استقبال تضمن لهم الكرامة الإنسانية، لا ان تتركهم في الشوارع يحتلونها ويعيثون في الأرض فسادا.."

وشبه احد المواطنين تغاضي السلطات عن معضلة وجود افارقة بأعداد كبيرة في عدد من المدن بالقنابل الموقوتة او الخلايا النائمة التي لايعرف مصيرها، متهما السلطات بعدم التدخل في الوقت المناسب، وعدم التعاطي مع شكايات الساكنة بشكل جدي.

وفِي الوقت الذي كانت في عناصر الوقاية المدنية تطفئ النيران المشتعلة حيث كان مهاجرو جنوب افريقيا يبيتون، كان المواطنون يحصون خسائر هذه المواجهات، حيث وقف احدهم مصدوما وهو يتحسس جنبات سيارته التي تكسر زجاجها الخلفي.. فيما تجمعت نسوة يتبادلن الحديث وكيف ان بعض المهاجرين اصبح فيهم قلة الحياء، وينعتونهم بنعوت قدحية تعلموها بالدارجة..

لم تهدأ منبهات سيارات القوات العمومية التي كانت تقوم بعمليات تمشيط لمحيط مسرح الأحداث، ومطاردة واعتقال المهاجرين الافارقة امتدت لأحياء لاجيروند وبلفدير وعين البرجة والفرح وعين الشفا.. وتم تطويق كل مداخل الحي الذي اندلعت فيه الاشتباكات، ومنع اي احتكاك بين الطرفين، اذ تم تجميع كل المهاجرين الأفارقة في ملعب للقرب قبالة محطة اولاد زيان، او ما اصبح يطلق عليه بين "اولاد درب السلطان" محطة مامادو، كناية على هذا الاجتياح الافريقي لهذا الحي الشعبي.. وبين الفينة والأخرى كانت تتوقف سيارة الأمن الوطني وهي محملة ببعض الافارقة وضعتهم جميعا بهذا الملعب المحاط بسياج حديدي، حيث تقضي العناصر الأمنية ليلتها البيضاء لتفادي اي حوادث تذكر.. في هذا الملعب ظل العشرات من المهاجرين السريين يرفعون شعارات بلهجاتهم الافريقية مفادها انهم لايريدون سوء بأحد، وإنما يريدون العبور للضفة الأوربية، هربا من المجاعة والحروب الأهلية..

مطلب الافارقة المهاجرين، يبقى مفتوحا مادام انهم اتخذوا المغرب محطة عبور، ولجمع المال عن طريق التسول، ومنهم من قضى اكثر من عام على هذه الحالة، وفِي احسن الأحوال عندما يجمع ما تيسر له، فيكون مصيره هو الترحيل من الناظور، ليس لبلده الأصلي، بل للمدن المغربية التي قدموا منها، الرباط او الدار البيضاء او فاس..

ويبقى السؤال مطروحا مع إشراقة هذا اليوم، كيف ستتعامل السلطات المحلية مع هذا الوضع الجديد؟ فهي بين نارين، حفظ كرامة هؤلاء المهاجرين جنوب الصحراء، استمرارا لانخراط البلد في احترام حقوق المهاجرين، وما يستلزم ذلك من الحفاظ على أمنهم بل وغذائهم، وبين مطالب جدية للساكنة في حماية أمنهم كذلك؟ خصوصا وأن هذا التطويق الأمني المضروب على الملعب لايمكن ان يطول بل من شأن الجهات المعادية استغلاله بشكل مغلوط وسيء، ونحن على أبواب عقد قمة أفريقية مهمة..