هناك أناس يثقون في القضاء لما يكون لمصلحتهم ويقف لجانبهم، حينها يكون قضاء مستقلا ونزيها، وحين يكون ضدهم يصبح قضاء غير مستقل ويتحدثون عن البيع والشراء وأحيانا يسكتون عندما يعرفون أن تصريحاتهم ستجر عليهم ويلات جهنم. هذا ما حدث مع زكريا المومني، بوكسور حلبات الرهان السابق الذي يتهم الأمن المغربي بتعذيبه. فلما صفعته قاضية التحقيق بالغرفة السابعة عشرة بمحكمة باريس خنس هو ومن معه.
زكريا المومني بعد أن تزوج فرنسية ومزق جواز سفره أمام الكاميرا أصبحت فرنسا هي عنوان الديمقراطية وحقوق الإنسان. فماذا سيقول اليوم بعد أن اكتشفت القاضية أن كلامه ملئ بالمتناقضات وأنه ليس بمستطاعه تبرير ادعاءاته بأي حجة مهما كانت، وبالتالي فإن كل ما روج له سابقا يدخل في إطار المزاعم المغرضة والمدفوعة الثمن؟ هل سيقول المومني إن القاضية غير نزيهة؟
بوكسور حلبات الرهان لا يمكن أن يردد مثل هذا الكلام لأنه يعرف أن القضاء هناك لن يتسامح معه. يعرف أنه إذا تطاول على القضاء فسيكون مصيره السجن بدون مناقشة، وبالتالي فقد التزم الصمت، ويعرف أن الوضع ليس في صالحه، وأن المنظمات والأشخاص الذين يمولون حملاته الدعائية ضد المغرب لا يمكن أن يتجرؤوا ليقوموا بذلك ضد فرنسا.
ليس المغرب حائطا قصيرا ولكن منطق الدولة في هذه البلاد يختلف عن بلدان أخرى، وغالبا ما يتم غض الطرف عن أشخاص تافهين يريدون جر الدولة لمعارك هامشية، فأولويات البلاد ليس هي الرد على المومني وغيره ومن يشجعه على ذلك والدعوة القضائية مجرد حجر تم إلقامه لهذا الشخص.
يوم كان المومني يتحدث إلى قناة معروفة بولائها للجزائر، أو يكتب رسالة بذيئة تتسابق العديد من وسائل الإعلام بالداخل والخارج لنقل كلامه وكأنه شخصية مهمة. هم متأكدون أنه مثل منديل من ورق سيتم رميه بعد أن يقضوا أغراضهم ويمسحوا به، لكن مادامت الحرب ضد المغرب مستعرة فإن كلامه يليق بالمقام، وما دامت الجزائر تصرف الملايير على المؤامرة فإن المومني وأمثاله سيعيشون لوقت آخر.
سكت المومني ولكن ليس وحده. سكتت معه وكالة الأنباء الفرنسية، المفروض أن تكون هي أول من ينقل الخبر باعتباره صادرا من مركز وجودها. سكتت الوكالة التي ظلت تنقل كلام المومني بحذافيره كأنه إنجيل يوحنا، وكانت تقوم بنقل كلامه الملتفز إلى جمل وعبارات كلها إساءة للمغرب.
الوكالة الفرنسية دست رأسها في التراب ولم تشر للخبر لا من بعيد أو قريب ولو كانوا أذكياء لتذاكوا وكتبوا عن الخبر حتى يظهروا موضوعيتهم المفقودة.
أين الصحف المغربية، الورقية والرقمية، التي كانت تصدر بعناوين "المومني يصفع الأمن المغربي"؟ لماذا خنست اليوم؟ أين زعيم ثورة الكمون الذي حاول استغلال شخص مرتزق؟ لماذا سكت كل هؤلاء الذين يتباكون على حرية التعبير؟ وهل حرية التعبير هي التواطؤ مع مبتز من أجل تشويه سمعة بلدك؟
