الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

مصطفى المنوزي: الحركة النقابية المغربية لا تملك أي تصور حول العدالة المناخية

مصطفى المنوزي: الحركة النقابية المغربية لا تملك أي تصور حول العدالة المناخية

أعترف لكم بأنني اخترت العنوان متعمدا قصد إثارة انتباه القيادات النقابية إلى حيوية وجدية مقتضيات هذا العرض الجديد في مجال الإبداع الإنساني ، الذي لا يخرج عن الخيارات «المواطنة» للرأسمالية العالمية، فقد يكون بالنسبة للمأجورين من عمال صناعيين أو مزارعين، فرصة للتفاعل ايجابيا مع مناخ ليبرالي غير متوحش يلوح في الأفق، تشترط بعض اليقظة والتقويم لما يمكن أن يكون حقا قد يراد به باطلا ، لذا فإن التحضيرات والتمرينات الجارية بالمغرب، ينبغي أن تستحضر السياقات العامة عالميا ومحليا / وطنيا، فاللبرالية المتوحشة ، ومنذ سقوط جدار برلين، وصدور توافق واشنطن وتصاعد المد المحافظ دوليا، استطاعت أن تحقق نتائجها في تكريس مزيد من الاستغلال وتدهور الأوضاع الاجتماعية والإنسانية للشغيلة والمستضعفين، وذلك بفرض تقليص الإنفاق الاجتماعي في المزانيات العمومية، مما يستدعي معه الأمر، والمغرب يستعد لاحتضان الكاب 22 بمدينة مراكش حول العدالة المناخية، تذكير الدولة والمؤسسات الدستورية المسؤولة عن تدبير الشأن العام أن تراجع خياراتها وتقيم التزاماتها في السياسات العمومية، ثم تقومها برد الاعتبار للبعد الاجتماعي، وما يترتب عنه من مسؤولية اجتماعية لدى المقاولات والنقابات؟

وبالنظر إلى مطلب العدالة المناخية الذي لا يمكن فصله عن مشروع عودة الدولة الاجتماعية للمشهد السياسي والمجال الاقتصادي، بما يعنيه من من ضرورة تحصين وتحقيق الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، وإجبار المقاولات على تلبية دفتر التحملات الاجتماعي في مجال الحماية، وعلى الخصوص الحرص على فرض التأمين الإجباري عن جميع المخاطر ذات العلاقة سببيا بالتحولات البيئية والمناخية، فلم يعد مقبولا التنصل من الضمان، في مجال التأمين والتعويض عن الأمراض المهنية و حوادث الشغل، بعلة وجود القوة القاهرة ومبررات الحدث الفجائي. فالمسؤولية المدنية عن المخاطر مفترضة في ظل التحولات المناخية السريعة، ولا يمكن للمقاولات ان تتحلل منها إلا باتباث الخطأ الشخصي المتعمد للضحايا ، طبعا مع مراعاة الضغط النفسي ذي الارتباط السببي بطبيعة العمل وكذا تحول المناخ .

وللأسف نحن في المغرب نستهجن هذه الفرصة التاريخية، رغم أنه مطلوب من النقابات أن تفك الإرتباط بالعقل السياسي والحزبي، على الخصوص، الذي تخلى، كالدولة عن البعد الاجتماعي والحقوقي في برامجه واختياراته، والذي يتعامل مع العمل النقابي بنزعة الحاقية وذيلية تحاول أن تجعل من النقابات ونضالاتها أوراقا للضغط والتفاوض والتسوية، والمعركة ستكون شرسة تجاه الرأسمال الدولي، لأن العدالة المناخية، وإن يبدو أنها مستغرقة من قبل العدالة الاجتماعية، لا يصلح معها إبرام توافقات في مجال السلامة والصحة والبيئة، فالرهان مؤسس علي مصير الطفولة والشباب، كجزء من النظام العام لا يعقل ولا يمكن انتهاكه أو المساومة حوله. من هنا تتاح الفرصة لجميع الحركات الاجتماعية والنقابية علي الخصوص لمراجعة كل التعاقدات المقنعة باسم ما يسمى بالسلم الاجتماعي ، لقد حان الوقت لفسخ المقتضيات التعسفية فيها، أو على الأقل ملاءمتها وفق المعايير الدولية لحقوق الإنسان، مع ضرورة التفكير في خلق آليات ناجعة لفرض احترام التوصيات والالتزامات المتبادلة بترتيب الجزاء بعد المحاسبة والمساءلة.