Wednesday 14 May 2025
خارج الحدود

الدنماركي "فيكتور كريستنسن" من المدرسة العليا إلى الإلتحاق بـ "داعش"

الدنماركي "فيكتور كريستنسن" من المدرسة العليا إلى الإلتحاق بـ "داعش"

الشاب الأشقر الأزرق العينين، فيكتور كريستنسن، Viktor Kristensen دانمركي أبا عن جد؛ ينحدر من أسرة تتكون من أب وأم وأخت له. أمه السيدة “لونا كريستنسن” تعمل ممرضة في المستشفى، وأبوه رجل أعمال؛ فهو إذا من أسرة ميسورة جدا...لا أحد يعرف بالضبط وعلى التفصيل التاّم، كيف اعتنق “فيكتور كريستنسن” الإسلام، ولا الدّواعي التي ساقته لذلك. لكن قصته باختصار ترويها أمه مع شهادات من عرفوه من محيطه.

تقول أمه السيدة “لونا كريستنسن”، كان “فيكتور كريستنسن” فتى وديعا هادئا عاديا، وحين تعرّف على بعض الشباب المسلم من مدينته ومحيطه أورهوس؛ واعتنق الإسلام وهو في سن السابعة عشرة من عمره، وارتبط بالمسجد المعروف ب: “كغيمهوي Grimhøjmoskeen” وأصبح يتردد عليه، وقبل أن يتغير ابني، كان دائم البحث عن شيئ ما!!!، كان يبحث ربما عن الطمأنينة أو عن السكينة، أو شيء كهذا.. وقد وجد ذلك في معتقده الجديد الإسلام كما فهمت منه. إلا أن إسلامه قد أثر كثيرا على أسرته الصغيرة… يدخل فيكتور إلى البيت ولا يجلس كعادته مع الأسرة إلا يسيرا ثم ينسحب إلى غرفته. لم يكن يرتاح لجو الأسرة كما كان من قبل، ولم يعد مندمجا فيها كسابق عهده، بحكم دواعي معتقده الجديد الذي اعتنقه، الإسلام. كان ينزعج كثيرا من كوني أشرب الكحول، وكان يرجو ويأمل أن أعتنق الإسلام مثله يوما ما، وكنت أسايره في ما يريد رجاء أن يعود كما كان، رغم أنّي احترمت اختياره باعتناقه الإسلام، لأن ذلك كان يريحه. تقول أمه في شهادتها للبرنامج الذي بُثّ مرتين على القناة الثانية tv2 والتي قامت بتتبع أثر خطواته للبحث عن الدّوافع الأساسية لتحوله من طالب بالمدرسة العليا، بضواحي مدينة أورهوس، وهي ثاني أكبر مدن الدنمارك، بمنازلها وعمرانها الراقية، إلى شاب ينشد الشهادة بصحراء العراق القاحلة البدوية، التي كانت آخر محطّاته، كما وانتهت آخر مراحل حياته فيها، لتدفن أشلاؤه بعد تفجيره الذي قام به هناك.

وينفي جميع من عرفوه سواء رواد المسجد المذكور أو خارجه، كونه تعرض لعملية غسيل مخ أو شحن، أو أي دور فعّال في تطرف “فيكتور كريستنسن” أو ما قد يفهم من خلاله شيء يشير إلى ذلك. إلا أن أمه السيدة لونا كريستنسن لا تخفي اتهامها للمسجد المذكور، وأن هناك من يعرفون الكثير عن سفره والتسهيلات التي حظي بها من أناس، أو جهة ما، حتى وصل ابنها إلى العراق.

بعض الباحثين الدّنماركيين يرجحون فكرة أنه وفي خضم انفتاح العالم على ثورة المعلومات ومواقع التواصل الإجتماعي؛ فقد يكون “فيكتور كريستنسن” قام من خلال محرك الغوغل وأفلام اليوتوب بتثقيف نفسه وتابع بحوثه وتعليمه للدروس الدينية، خصوصا بعد أن ترك جهازه الخاص الكومبيوتر، وبعد أن مسح جميع معلوماته الخاصة منه، الا أنه قد نسي أزالة بعض الأناشيد الاسلامية الحماسية المحرضة على الجهاد.

إن قصة فيكتور كريستنسن، الشاب الذي عاش طيلة حياته في أحضان أمه بعد طلاقها من أبيه، مثيرة، ويكتنفها الكثير من الغموض، وحتى قبل أن يسافر إلى مصر لتعلم اللغة العربية، ومن ثم إلى سوريا والعراق لينهي آخر فصل من فصول حياته هناك بتفجير نفسه مع ثلاثة آخرين من رفقائه، حيث قتل في تلك العملية ستة من رجال الأمن العراقيين. وهذا ما جعل أمه تتأسف وتتحسر أكثر.

تقول أمه السيدة لونا كريستنسن: لقد اشترى ابني فيكتور تذكرة الذهاب والإياب لمصر قصد تعلم اللغة العربية. لم أرتح كثيرا لذلك السفر، وكنت قلقة جدا، فأخبرت المخابرات الدنماركية بذلك، لكنهم لم يساعدوني. وقد زرته بعد خمسة أشهر على استقراره هناك سنة 2014، وكان يعيش في عالم آخر. كان مثلا حين سماعه الأذان يتركني ويذهب للصلاة…

لكن تذكرة سفره للعودة لم تستعمل؛ فإن “فكتور” لم يعد للدنمارك البتة، ولن يفعل.

لقد أعدوه للاستشهاد ليفجر نفسه في قسم المخابرات العراقية؛ ففعل. تقول أمه: اتصل بي آخر مرة، وربما كانت قبل إقدامه على العملية، فودّعني. وعندما، وصل أبوه الخبر عن طريق رسالة قصيرة بالهاتف. تقول الرسالة: ابنك شهيد. لم يفهم الأب ما معنى ”  لفظة شهيد”…

وقد كتب “فيكتور كريستنسن” رسالة مطولة يجيب فيها عن جميع الأسئلة التي قد تطرح، ويشرح فيها لأمه دواعي إسلامه واختياره الحر في ما أقدم عليه من السفر لسوريا، وللعملية التي نفذ بطوع اختياره وإرادته الحرة، وأنه بذلك كان يبحث عن الجنة.

كانت هذه نبذة عن الشاب الدنماركي المنحدر من أسرة متوسطة وميسورة، بل وتعدّ من شريحة النخبة في المجتمع الدنماركي، حتى لا يعزو أحدٌ توجّهه إلى وضع مادّي حادّ، أو ما شابه ذلك، ممّا تعلّقت به همم الباحثين والمحلّلين الذين لم ينتبهوا إلى أسئلة أخرى أكثر حرجا… لقد وجب اليوم العناية بالموضوع أكثر لإنقاذ الشباب أمثال فكتور الضحية من أتّون العنف والتطرف، بدل أن تظلّ الأسئلة سطحيّة قد لا تحيط بالأسباب الرّئيسيّة للتطرّف والإرهاب!…