Wednesday 14 May 2025
خارج الحدود

قطر من إمارة الغنيمة والقبيلة إلى "الشوافة" والنبوءة !

قطر من إمارة الغنيمة والقبيلة إلى "الشوافة" والنبوءة !

توقع المركز العربي للأبحاث ودرسة السياسات المتواجد مقره بالدوحة فوز حزب العدالة والتنمية في الانتخابات التشريعية المنتظر إجراؤها في أكتوبر القادم. ما يثير في هذا الخبر الذي تداولته بعض وسائل الإعلام ليس نتيجة التوقع، فمراكز الرصد والتوقع صارت أكثر من الوقائع ذاتها، والمتوقعون أحرار دائما في صياغة النتائج التي يريدون، خاصة أن احتراف "الشوافة" صارت جزءا من لعبة السياسة، ومن توجيه الطبخات، ومن إشعال الحروب النفسية في كل مكان. وهو ما يصدق بدرجة كبيرة على هذا المركز التي أنشئ بأموال قطرية، وبإدارة عزمي بشارة الذي تحول، منذ مغادرته لأراضي فلسطين 1948 سنة 2007، إلى عراب الفكر القطري، وإلى "شواف" مرحلة ما بعد الربيع العربي.

الغريب أكثر أن نبوءة عزمي حول استحقاقنا الديمقراطي القادم تأتينا من بلاد لاتعرف  أصلا معنى الاستحقاق الديمقراطي، ولا تعيش سوى استحقاق واحد ووحيد هو أن تتولى المهام القذرة للغرب ضمن كل التحولات التي يعيشها العالم العربي منذ سنة 2011، وهاهي نتانة سلوكها ومآسي تصرفاتها في سوريا وليبيا وغيرهما لا تزال تزكم الأنوف.

ومن تم فمن حق المتتبع أن يتساءل لماذا لا تتوجه مراصد عزمي بشارة  لتتوقع ما قد يؤول إليه مستقبل الحياة في قطر وباقي بلدان الخليج العربي حيث الغنيمة والقبيلة حاسمان في الشأن العام؟ ولماذا استند توقعه الأخير على نتائج الانتخابات البلدية والجهوية الماضية وحدها ووحدها فقط، وهو ما يعتبر أمر معيبا في عمليات التوقع، وفي الدراسات المستقبلية بشكل عام، هذه الدراسات التي هي مجال العلم أساسا، لا مجال الشعوذة السياسية.

مركز قطر يريد أن يسبقنا إلى مستقبلنا السياسي بلا علم ولا توقع لأنه يأمل أن يخطف حزب العدالة والتنمية مرة أخرى مستقبلنا السياسي تناغما مع ما يريده حكام قطر أساسا. وبذلك ينضاف هذا المركز إلى قناة الجزيرة وإلى غيرها من المنابر التي أنشأتها إمارة قطر في مختلف مناطق المعمور.

يقال دائما إن "الأعمش" هو الأشد إبصارا في  بلاد العميان، وهذا ما لا يدفع إلى الاستغراب، لكن المستغرب أن يتحول "الأعمش" إلى  توجيه خطى العميان، وإلى تقديم النصح بخصوص حالتهم الصحية، وإلى أدعاء أنه القادر وحده على رؤية ما لا يراه أحد.