الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

بودريس درهمان: هل سيكون بان كيمون أول أمين عام للأمم المتحدة ستتم محاكمته؟

بودريس درهمان: هل سيكون بان كيمون أول أمين عام للأمم المتحدة ستتم محاكمته؟

ثلاث رئاسيات أممية هي عبارة عن معابر مفصلية لتثبيت خيارات ودحض أخرى. الرئاسة الأولى هي رئاسة مجلس الأمن، والرئاسة الثانية هي رئاسة الجمعية العامة للأمم المتحدة، والرئاسة الثالثة هي رئاسة الأمانة العامة للأمم المتحدة. هاته الرئاسيات تعمل القوى الدولية المتصارعة على التحكم فيها كما تعمل على التهيئ لأشخاص بعينهم حتى يتقلدوا مناصبها سواء من أجل حفظ التوازنات أو من أجل التعجيل بقرارات استراتيجية تخص المنظومة الأممية ككل. هاته الرئاسيات الثلاث في الظرف الراهن اثنتان منهما ليستا في صالح المملكة المغربية. الرئاسة الأولى هي رئاسة مجلس الأمن و الرئاسة الثانية هي رئاسة الأمم المتحدة.

في علم الإدارة الإجراءات والتدابير المتخذة في حينها لا تعطي مفعولها إلا بعد مرور أربع سنوات مما يعني بأن المفعول الإداري الحالي لرئاسيات هيأة الأمم المتحدة يعود إلى إجراءات و تدابير ما قبل يناير 2012، وهذا التاريخ هو تاريخ استفادة الجمهورية الجزائرية من الريع الغازي بسبب ارتفاع الأثمان في حين الثماني سنوات القادمة على الأقل سيستحيل على هذه الجمهورية الانفاق بسخاء على قضية الصحراء.

في ما سبق الأمناء العامون للأمم المتحدة الذين عايشوا مشكل الصحراء نسجوا صداقات وولاءات تحولت مع المدة إلى قرارات وتدابير مست في الصميم حياد ومصداقية الأمم المتحدة. والأمين العام للأمم المتحدة الحالي لا يشكل الاستثناء لأن ولاءه للقوى السياسية الدولية المساندة للجمهورية الجزائرية واضح للعيان.. لكن هل من الممكن أن يكون بان كيمون هو أول امين عام للأمم المتحدة الذي سيتم اعتقاله ومحاكمته بسبب تصرفاته الشخصية التي لم تحترم قرارات وتوجهات اللجنة الأممية العليا المستقلة المختصة في قضايا عمليات حفظ السلام؟

منذ سنة 2000 سعت مقاربات الأمم المتحدة إلى توطين الحكامة الجيدة في كل مفاصل القضايا المعروضة عليها، وهذه الحكامة الجيدة ابتدأ مسلسل تنفيذها شهر يناير 2016، لكن موقف بان كيمون غير المحترم للشرعية الدولية في ما يخص قضية الصحراء والمواكب لعملية بداية المسلسل الجديد للحكامة الجيدة، يوحي بوجود ملفات وتعاملات غير نظيفة يحاول المستفيدون منها التغطية عليها، ومن المؤكد أن اللجنة الأممية العليا المستقلة المختصة في عمليات حفظ السلام بمعية لجنة الخبراء الدوليين سيعملون جميعا على فض الغبار عن هذه الملفات.

اللجنة الأممية العليا المختصة في عمليات حفظ السلام ليس من المستبعد أن تكون رئيستها السيدة Ms. U. Joy Ogwu (Nigeria)  وسيطة في هذا التحيز المفضوح لصالح الجمهورية الجزائرية ولكن مقرر اللجنة المصري Mr. Amr Aljowaily (Egypt) ربما على بينة لهذا التحيز المفضوح. على العموم الخبراء الدوليون في القانون وفي مساطر الأمم المتحدة من كل حدب وصوب سيدلون بدلوهم وسيتضح بأن هذا التحيز المفضوح ليس قناعة شخصية فقط، بل هو ملف من الملفات الغير نظيفة التي تمس بسمعة الأمم المتحدة وبجدية العلاقات الدولية على العموم.

بالمقابل رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة الدانماركي M. Mogens Lykketoft (Danemark) من المؤكد أنه لا يدخل ضمن جوقة مصالح الجمهورية الجزائرية بداخل مؤسسات الأمم المتحدة.. فباستثناء الجزائري عبد الغني امرابط، معظم طاقم ديوان هذا الرئيس لا يدخلون ضمن هذه الجوقة.. لهذا السبب على المملكة المغربية أن تعتمد على الناس المحايدين ضمن طاقم رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة من أمثال كبير المستشارين السياسيين لرئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة الامازيغي كمال امقران خريج مدرسة العلوم السياسية لباريس ولجامعة يال الأمريكية، والذي سبق له أن قاد عدة مهمات حفظ السلام عبر العالم.. ومن غريب الصدف هذا الامازيغي هو من مواليد مدينة العيون أكبر مدن الصحراء المعنية بهذا النزاع الذي تحيز فيه الأمين العام للأمم المتحدة لأسباب ستنجلي خلال الأيام القليلة القادمة.. هذه الايام التي من المؤكد أنها ستجني على كل الماضي السياسي لبان كيمون الذي لم يكن بماض مميز.

جبهة البوليساريو ليست دولة قائمة الذات حتى يحق لبان كيمون استعمال مصطلح احتلال، بل هي فقط جبهة سياسية غير متجانسة المكونات وضمن مكوناتها السياسية من يدعو إلى الالتحاق بالوطن الأم الذي هو المملكة المغربية كما فعل ذلك أكثر من عشرة آلاف إطار ومقاتل صحراوي.. فكيف يمكن لمن كان يقاتل ويناضل ضمن جبهة البوليساريو أن يصبح محتلا وهو من تخلى عن طيب خاطر عن جبهة البوليساريو وفضل الالتحاق بالمملكة المغربية ليناضل ضمن مكوناتها السياسية التي تنبذ الحرب والتفرقة العنصرية بين أبناء الوطن الواحد.

بان كيمون حينما استعمل مصطلح احتلال في حق المملكة المغربية أعطى الدليل على أن استعمال هذا المصطلح لا يدخل ضمن القناعة الشخصية، بل هو دليل على تواجد ترابطات غير نظيفة وهي الداعي إلى استعمال هكذا مصطلح.