الخميس 25 إبريل 2024
كتاب الرأي

عبد اللطيف أكنوش:هناك أشياء ليست على ما يرام في بلدنا...

عبد اللطيف أكنوش:هناك أشياء ليست على ما يرام في بلدنا...
التشبث التام "بثوابت الأمة"، والدفاع عن "الوحدة الترابية"، "ومفهوم المواطنة الحقة"، "والتدين الوسطي"، "وإمارة المؤمنين الضامنة لوحدة الأمة ووحدة الشعب"...تلك هي المبادئ التي ستتأسس عليها "الجمعية المغربية للإرشاد والإصلاح" التي سوف ينعقد مؤتمرها التأسيسي يوم السب 5 مارس المقبل حسب بعض المواقع الإخبارية الوطنية...
رئيسها ومؤسسها ليس إلا السيد الفيزازي المثير للجدل في الأوساط السلفية، والمنتمي سابقا للسلفية الجهادية التي طالما اجتهد في نكران وجودها كفكر وكتنظيم.
المبادئ التي أسس عليها أستاذ التعليم الابتدائي سابقا جمعيته تستدعي الكثير من التساؤل. فهناك تناقض كبير بين المقولات السياسية والفلسفية المستعملة في قاموس هذه الجمعية، ناهيك عن أمور أخرى.
- فشخصيا لا أرى ما علاقة الإرشاد والإصلاح والإسلام الوسطي بمسألة "الوحدة الترابية". فالوحدة الترابية محصنة دستوريا وسياسيا وعسكريا منذ دستور 1962 ومنذ المسيرة الخضراء، حيث لم تشكل في يوم من الأيام موضوع خلاف بين المغاربة من جيل المسيرة الخضراء، ولنا في الشعارات التي رفعت من طرف حركة 20 فبراير خير دليل على ذلك، حيث أكد أعضاء الحركة تشبثهم بهذه الوحدة الترابية.
- مسألة "التدين الوسطي والإسلام الوسطي" أصبحت أغنية يتغنى بها الجميع حتى بعض المثقفين والباحثين، ناهيك عن مؤسسات رسمية تدافع عن المبدأ كالمجلس الأعلى للعلماء والإفتاء، ومؤسسات أخرى كحركة التوحيد والإصلاح الإخوانية الدراع الدعوي للبيجيدي. فما الفائدة إذن من ذكر هذا المبدأ، "واش ما قدهم فيل، نزيدوهم فيلة"؟
- مسألة الدفاع عن "إمارة المؤمنين" تستدعي نفس الملاحظة المبينة في النقطة الثانية بالنظر إلى منطوق الدستور والمؤسسات الرسمية الموكول لها أمر الدفاع عن هذه المؤسسة الدينية الأم.
- قضية "الدفاع عن المواطنة الحقة" مقولة غريبة جدا عن المبادئ الأخرى...فالأمة تقتضي أن تتأسس على مفهوم "المؤمن" وليس على مفهوم "المواطن". "المؤمنون" و"الرعايا" مفاهيم تنتمي إما إلى سجل الآداب السلطانية منذ بداية عصر التدوين مرورا بالطرطوشي ووصولا إلى ابن زيدان العلوي المغربي، أو إلى سجل "الدين" بدءا بأبي يعلى الفراء ، مرورا بالماوردي ووصولا لعبد القادر الفاسي في القرن التاسع عشر، وانتهاء بالسيد الفيزازي نفسه سنة 2016 !  إذ لا يمكن أن أتصور وجود "المواطن" وانتصار "المواطنة" إلا في إطار "دولة حديثة عصرية قومية ديمقراطية" قادرة على "تمييز" أو "فصل" السلطة السياسية عن الدين والتدين...إذ أن اللبس في اللغة العربية المستعملة منذ تراجم رفاعة رافع الطهطاوي، والتي تترجم مفهوم Etat بمصطلح "دولة"، مع أن الكلمتين تتناقضان تماما من حيث الدلالة...فالمصطلح اللاتيني يفيد المؤسسة أولا وأخيرا، ويفيد استقرار الساكنة على إقليم مسيج بحدود معترف بها..في حين أن مصطلح "دولة" يفيد "تناوب عائلات وسلالات قبلية أو غيرها على حكم الرعية"...فالأولى تفيد ثبوت المؤسسة، والثانية تفيد دوران السلطة بين أيدي سلالات متعددة في المجال وفي الزمان...