مرة أخرى يتأكد أن التوبة وسط الإرهابيين مجرد انحناء للعاصفة. المكتب المركزي للأبحاث القضائية، التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، يفكك خلية إرهابية كل عناصرها من معتقلي السلفية الجهادية السابقين.
حالة العود في صفوف السلفية الجهادية بالمغرب لا ينطبق عليها المثل المغربي القائل "حوتة وحدة تخنز الشواري"، فحالات عدم العود أصبحت هي النادرة بينما الأصل هو حالة العود.
الذين خرجوا من السجن، سواء بعد انتهاء مدة محكوميتهم أو بالعفو، ينقسمون إلى ثلاث فئات، الأولى اندمجت في المجتمع وطلقت الأفكار الجهادية والمتطرفة، والثانية ما زالت متمسكة بأفكارها وتدعو إليها، والثالثة التحقت ببؤر التوتر في سوريا والعراق أو كانت على أهبة المغادرة من أجل القتال والعودة لتنفيذ عمليات إرهابية في المغرب بعد اكتساب الخبرات القتالية.
ونؤكد هنا على أن الفئة الأولى التي اندمجت في المجتمع بسيطة جدا وعددها ضعيف ولا يكاد يظهر في بحر الاحتقان الإرهابي، وبالتالي لا يعتد بها ولا يقاس عليها، ومن ثم فإن حالة العود هي الأصل في السلفية الجهادية، وقبل أن نتحدث عن التوبة لابد من إيجاد حل شامل لهذه المعضلة، المتمثلة في استفادة الكثيرين من العفو تحت ضمانات شخصيات عمومية وحزبية ومن بعد يلتحقون بسوريا والعراق.
هناك قضية غير مفهومة، فسعد الدين العثماني، رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، لما كان وزيرا للخارجية اتصل بهوشيار زيباري، وزير خارجية العراق آنذاك، ليطلب منه عدم تنفيذ حكم الإعدام في حق إرهابي مغربي ضُبط في حالة تلبس وهو يفجر مرقدا للشيعة والبحث في إمكانية تسليمه للمغرب. ما ذا يريد الزعيم الإسلامي بهذا الشخص؟ لم يكن يهمه هو في حد ذاته ولكن تهمه لجنة المغاربة المحكومين في العراق التي تمثل أصواتا انتخابية لحزب العدالة والتنمية.
مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات، كان من أجرأ من دافع عن السلفية الجهادية قبل وبعد الوزارة، ولم ينته إلا بعد أن توصل بمعلومات تفيد أنه مستهدف من جماعة التوحيد والجهاد التي يتزعمها الأعور، فعززت الدولة حراسته اليومية أثناء العمل وخارجه. بل كان يشكك في وجود إرهابيين بالمغرب وأن كل العمليات والخلايا مجرد صناعة مخابراتية لضرب الحركة الإسلامية.
الرميد هذا كان يحاور أنس الحلوي، الناطق الرسمي باسم ما يسمى اللجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين، وجالسه أكثر من مرة ووعده كثيرا، لكن الحلوي صفع الرميد "وبات ما صبح" حتى أعلن أنه يجاهد في سوريا طلبا للحور العين فأرسله الجيش السوري بسرعة إلى الدار الآخرة.
ولا يكل حامي الدين، وريث منتدى كرامة لحقوق الإنسان عن مصطفى الرميد، في الدفاع وبحماس زائد مغلف بلغة قانونية، عن ملف السلفية الجهادية داعيا إلى إيجاد حل شامل وإطلاق سراحهم.
ولا ننسى أن بنكيران يغازل مرارا السلفية الجهادية طمعا في أصواتها الانتخابية وطمعا في أن يتخذها وسيلة لتهديد الدولة.
(ملحوظة: العنوان من اختيار هيأة التحرير)
