الأربعاء 8 مايو 2024
فن وثقافة

إدريس الملياني يحكي سيرة معاناة اليهود المغاربة في "كازانفا"

إدريس الملياني يحكي سيرة معاناة اليهود المغاربة في "كازانفا"

"كازانفا" هي الرواية الجديدة الصادرة حديثا عن دار "عين" المصرية للشاعر الكاتب المترجم إدريس الملياني، بعد عمله الروائي الأول الصادر عن دار "دال" السورية بعنوان "ماتريوشكات.. عرائس روسية".

الرواية الجديدة "كازانفا" كما هو واضح من عنوانها تحكي سيرة مدينة الدار البيضاء منذ أن سميت بلونها الأبيض، وكيف أنها كانت متعاقبة الولادة والإبادة على يد الاحتلال البرتغالي وحتى من أقاربها مثل الملك اللمتوني يوسف بن تاشفين الذي أباد تامسنا الأمازيغية البرغواطية ومدينة أنفا من أم الربيع إلى أبي رقراق وكيف بعثت من رمادها كالعنقاء في فترات سابقة وبالأخص في عهدها الحديث، يقول الكاتب إدريس الملياني...

كل ذلك من خلال رحلة سياحية جماعية للسارد وزوجته، حيث ارتبطت صداقته مع يهودي مغربي وزوجته استمرت في ما بعد.. إذ استضافه هذا الأخير عدة مرات لحضور عرس زفاف ابنته واستئمانه ذات يوم على صندوق صغير صويرري أبينوسي.. ويضبف إدريس الملياني بأن السارد قد فوجئ حين فتحه بعد تردد طويل بصور نادرة المثال والجمال لنضال مدينة أنفا ومذكرات تحمل عنوان "كازانفا بار" لكاتب مجهول أو لشقيق يعقوب أبيطبول واسمه إسحاق يبدو أنه غاب عن عائلته مدة طويلة وفقد ذاكرته التي لا يستعيدها إلا حين يرتاد بارات وبراسريات كازانفا التي يدون فيها هذه المذكرات المؤرخة بيوم وشهر وسنة عبرية يبدو أنها في الستينيات التي اشتد فيها تهجير اليهود المغاربة.

وهنا تتعدد أسماء البراسريات والبارات الحديثة في بداية الحماية والتواريخ التي تدور كلها ضمن ثنائية القراءة والكتابة، تارة عن موت وانبعاث كازانفا من جهة، وتارة أخرى عن الاضطهاد التاريخي الممارس على عموم اليهود عبر كل العهود، وبالأخص على المغاربة اليهود واليهود المغاربة سواء منهم الأصليون على هذه الأرض منذ آلاف السنين أو المهاجرون إليها.

ويؤكد الكاتب الملياني أن جميع الآراء والأوصاف والمشاهد داخل الرواية محققة ومدققة وموثقة بعشرات، بل مئات المصادر والمراجع غير المذكورة والمشار إليها بالاستشهادات الموضوعة بين قوسين.

كما يشير الكاتب إلى أن اليهود المغاربة المعنيين روائيا هم من غير الصهاينة الذين كانوا مع الرابطة اليهودية معادين لدعاياتها بينما قصرت الحركة الوطنية باعتراف بعض زعمائها في كسب المغاربة اليهود إليها. بل إن الرواية تشير إلى الإسهام في تهجيرهم وترحيلهم بل وبيعهم بالدولار.. مما يثبت تورط الأنظمة العربية حينذاك في التواطئ مع القوانين الفيشية الفاشية التي وقع عليها جميع حكام العرب.

وفي الرواية صور ومشاهد درامية ومؤلمة عما تعرض له اليهود من اضطهاد وميز عنصري يفوق وحشية النازية عبر التاريخ العروبي الإسلامي...

ومن الجدير أن الرواية مهداة إلى ليون سلطان أول أمين عام للحزب الشيوعي المغربي منذ تأسيسه عام 1943 إلى استشهاده عام 1945 حين ذهب مع كوكبة من العمال المغاربة للقتال ضد النازية في أوروبا، فجرح وعاد إلى النقاهة في الدار البيضاء التي توفي فيها. كما أنها مهداة أيضا إلى ذكرى المفكر المغربي أحد رموز الحركة الوطنية والعمالية الأممية ومؤسس المتحف التراث اليهودي المغربي الراحل شمعون ليفي.

والرواية فضلا عن ذلك تحتفي بالدور التاريخي الذي لعبه اليهود المغاربة في الازدهار الثقافي الفني الغنائي التجاري الحضاري وتحديث المغرب إلى جانب إخوانهم الأمازيغيين الذين عاشوا معهم في أمن وأمان باعتبارهم السكان الأصليين للبلاد.

تضم الرواية قسمين: القسم الأول بعنوان "وابيضاوا وابيضاوا واش الحب كايداوا". والقسم الثاني "لم تعش في أرض ميلادك ولم تمت في أرض ميعادك"...