أمر مثير للسخرية، عندما تقارن بين بلاغات حزب العدالة والتنمية، فيما يخص انعقاد المجالس الجماعية لدورة فبراير الجاري. فلغة البلاغ الصادر عن المجلس الجماعي لمدينة العيون أو القصر الكبير، يختلف تمام الاختلاف عن نظيره الصادر عن نفس الحزب في المجلس الجماعي لمدينة الدار البيضاء أو مراكش، ونقطة الاختلاف هي تغطية وسائل الإعلام لمجريات هذا المجلس أو ذاك. وإليكم هذه النماذج:
1." للأسف تم منع الصحفيين من حضور أشغال دورة المجلس الجماعي للعيون حتى الإعلام الرسمي، تلفزة العيون الجهوية لم تغط أشغالها، يريدون التعتيم على دور المعارضة الذي كان متميزا اليوم ومنسجما وقويا.يجب على الصحفيين ان يقوموا بدورهم في فضح هذه السلوكات الإقصائية وتنوير الرأي العام والاحتجاج حتى ينالوا حقهم في التغطية لأهم مجلس جماعي في الصحراء".. من تصريح لمحمد لمين ديدا، مستشار جماعي من حزب العدالة والتنمية بالعيون.
2. "حاول الرئيس التغطية على عجزه في تسيير المجلس البلدي لمدينة القصر الكبير، بإطلاق العنان لخطابات سياسوية بئيسة تستهدف المزايدة والتشويش والتبخيس لمنجزات المجالس السابقة وتوجيه استفزازات متوالية.. ضد ساكنة هذه المدينة المناضلة والإعلام المحلي الذي أصبحت أدواره الرقابية تزعج الرئاسة فلم تسلم من الإهانة والتخوين والإساءة بما يتعارض كليا مع القوانين التنظيمية وأخلاقيات المرفق العمومي، مما يشكل سابقة خطيرة في تدني وانحطاط الخطاب السياسي بمدينة القصر الكبير مدينة المناضلين الشرفاء والمثقفين.. ونعلن للرأي العام: التنديد بخطاب الإهانة والتخوين والإساءة لوسائل الإعلام المحلية واتهاماته المتكررة لها بالاسترزاق".. من بلاغ حزب المصباح في القصر الكبير.
لنقارن البلاغين السابقين بما هو الوضع في المجلسين الجماعيين بمراكش والدار البيضاء، وهما مجلسين يسيرهما حزب العدالة والتنمية، كل الأخبار المؤكدة يفيد فيها الزملاء الصحافيون أنهم يجدون صعوبات تقنية وقانونية في تغطية أشغالهما، حيث يتم مواجهتهما بنص من القانون الداخلي للمجلسين مفاده ضرورة التوفر على ترخيص من قبل رئيس المجلس لمراكش والدارالبيضاء لتغطية الأشغال بالصوت والصورة..
لماذا يتم "تحريض" الإعلام في أحقيته في تغطية الشأن المحلي في العيون والقصر الكبير، بالمقابل يتم مواحهة هذا الإعلام بنصوص قانونية موضوعة على المقاس بالبيضاء ومراكش، للتضييق على دور الإعلام في تنوير الرأي العام المحلي؟ الجواب ببساطة أن مستشاري حزب عبد الإله بنكيران في مجلسي العيون والقصر الكبير، يشكلون المعارضة وبالتالي فالحزب يحتاج لجهات إعلامية "يسخن بيها كتافو"، أما بالنسبة لمجلسي الدار البيضاء ومراكش، ف "المصباح"، "وحدو مضوي البلاد"، وبالتالي فهو لايحتاج إلا ل "كتائبه الإعلامية" في نقل ما قال السيد الرئيس وفعل السيد الرئيس وقرر السيد الرئيس..
ولعل هذا التناقض في تعامل حزب العدالة والتنمية مع الإعلام حسب مركزه في المعارضة أو الأغلبية، ليس وليد اليوم.. لنأخذ نموذجا واقعيا، في المجلس الجماعي السابق لمدينة الدار البيضاء، كان مستشارو هذا الحزب يشكلون أقلية، لهذا كانت هواتفهم تشتغل 24/24 ساعة، يجيبون على كل المكالمات من زملاء يتتبعون الشأن المحلي، يمدونهم بالمعطيات والمعلومات والملفات، بل ويعتبرون دور الإعلام الرقابي لايختلف عن دور المعارضة فهو مكمل للآخر، وحتى إذا لم يتصل بهم أحد، كانوا يعرضون خدماتهم على الإعلام ويبادرون هم بالاتصال بوسائل الاعلام لتعبئة الرأي العام، والغرض هو أن يكونوا حاضرين بشكل دائم عبر وسائل الإعلام..
اليوم تغيرت المواقع وانعكست على المواقف، فرئيس المجلس الجماعي للعاصمة الاقتصادية، عبد العزيز العماري، من النادر جدا أن يدلي بتصريح إعلامي، بل ولايرد على هاتفه، وقس على ذلك جميع أعضاء المكتب، وحتى لو أجابك أحدهم، فهو يتوسل منك عدم ذكر اسمه، وكأن تصريحه أو معطياته تهم الأمن العسكري للبلاد..
في مراكش، الأمر أدهى وأمر، حيث منع حزب العدالة والتنمية الذي يترأس مجلسها الجماعي محمد العربي بلقايد، منع الصحافيين من تغطية أشغال دورة فبراير، وطالبهم بإحضار تصريح من النيابة العامة، قبل أن يتراجع قبل لحظات عن قراره ويسمح لهم بالتقاط الصور فقط دون تسجيل الفيديوهات..
هو إذن نفاق سياسي يقوم به مستشارو "المصباح"، في تعاملهم مع وسائل الإعلام وكأن لسان حالهم يقول: " أنتم أحبابنا ومناصرونا لما نكون في المعارضة، ولكنكم خصومنا لما نكون في مناصب المسؤولية".
فعلا فمن ليس له مبادئ وثوابت في العديد من القضايا، تراه يغيرها حسب مواقعه..
