الجمعة 26 إبريل 2024
كتاب الرأي

اليزيد البركة:الريع والقانون

اليزيد البركة:الريع والقانون

تتبعت ما صدر عن المسؤولين وغير المسؤولين الواقفين على " الباب " الذين يساندون الحكومة في قراراتها المتعلقة بالأساتذة المتدربين واستوقفتني كلمتين اثنتين : الريع والقانون
في الريع : يحاول من يدافع عن فصل التكوين عن التوظيف أن الربط بينهما ريع وأن الحكومة جاءت من أجل مكافحته في إطار إصلاح شمولي ، والواقع أن الحجة هنا بالسعي إلى تضخيم دور الريع في المجتمع، هي حجة على الحكومة وليس على الأساتذة ، ذلك أن الجميع يعرف بأن التعليم فيه خصاص كبير وأن ميزانيته عرفت تقليصات كبيرة وإختلالات وتبذير واختلاسات وكل ذلك أثر عليه سلبا إلى أن أصبحنا نشاهد تكدس التلاميذ في الأقسام حتى وصل في بعض الأحيان إلى 70 في القسم الواحد وذلك لكي تتقشف الحكومة ولا تصرف على بناء المؤسسات ولا على التوظيف .... إن المجتمع عندما يقف أمام معضلة وجود خصاص بشري مهول في قوات الدفاع عن الوطن مثلا يجد نفسه مدفوعا وبسرعة لسد الخصاص، وما أدراكم بالتعليم الذي هو عماد كل مجالات نشاط المجتمع الإقتصادي والاجتماعي والقانوني والسياسي والعسكري والأمني ، فقتل التعليم وخنقه هو قتل وخنق لكل تلك المجالات وهذه من أبجديات السياسة التي يجب على أي مسؤول حكومي أن يعيها جيدا إذا كان يسعى حقا لأن يخدم بلده .
إذا كانت هناك تخمة في الموارد البشرية في مجال ما ومع ذلك تلجأ الدولة إلى التوظيف فإن الأمر لا يعد ريعا إذا ما كان يلبي امتصاص جزء من آفة البطالة وكان خاضعا للشفافية وتكافؤ الفرص ولن يكون ريعا إلا إذا كان زبونيا وعائليا وحزبويا وطبقيا وهي الآفات التي ما نزال نشاهد نماذج منها .ولكن أشكال الريع الأخرى البعيدة عن التوظيف والأجر هي المعضلة الكبرى التي يحس الشعب بثقلها على صدره . لذا الأولويىة لريع الملايير من الدراهم من خلال الاستيلاء على الثروات الوطنية ثم ثانيا ريع التفويتات ثم ثالثا ريع الكراء للذين هم في غنى عن ذلك الكراء ثم رابعا ريع الصفقات .... ولما نصل إلى ريع الأجر من الدولة يجب على الحكومة أن تبدأ بأجور الأشباح أولا تم ريع الأجور الضخمة والعلاوات والتعويضات ثم ريع الأجور الزبونية وغيرها... والتي تؤدى بدون مردودية أما أجور الأساتذة المتدربين فلا علاقة لها بتاتا بالريع وهي مستحقة والمجتمع يريد توظيف الطواقم التربوية لأنه يشاهد بأم عينيه أن هناك خصاص كبير كما هو الأمر بالنسبة للأطباء والممرضين .
الكلمة الثانية تقول أن منظمي المسيرة لم يرخص لهم ، وهذه فذلكة جديدة اعتقدنا أننا قد تجاوزناها بعد ادريس البصري . إن الدستور ينص صراحة على حرية التعبير بكل أشكاله المعروفة في العالم ومنها التظاهر . وحرية التعبير مبدأ وليس بندا تقنيا ومسطريا حيث أن القانون والمسطرة يخضعان عادة للمبدأ وللدستور لتنفيذ ما ينص عليه ، غير أن مؤيدي الحكومة قلبوا المعادلة تماما وسعوا إلى أن يتحكم القانون في الدستور أي أن يخضع المبدأ لما أعتقدوه نصا قانونيا يمكنهم من الإلتفاف على حرية التعبير. أن تقول الحكومة إشعار حتى تستعد الداخلية والأمن لتوفير كل الشروط اللازمة للمسيرة هذا سيكون مفهوما وهو ضمن ما ينص عليه القانون لكي ينفذ المبدأ، لكن أن يقال ترخيص وكأن الحكومة لها الحق بخرق الدستور إذا رأت ذلك فهذا تعسف على الدستور وعلى القانون خصوصا وأن الحكومة شيطنت حركة الأساتذة المتدربين منذ البداية، الشئ الذي جعلها في موقع من لا نية له في تطبيق ما ينص عليه الدستور.