الأحد 20 إبريل 2025
سياسة

مولاي علي الريسوني: الذين يعتبرون عيد المولد بدعة هم بشكل آخر يمسون بإمارة المؤمنين

مولاي علي الريسوني: الذين يعتبرون عيد المولد بدعة هم بشكل آخر يمسون بإمارة المؤمنين

في إطار مواكبة السجال الدائر بين تيارات السلفية والتصوف حول المشروع من البدعة في تعامل المسلم مع السنة النبوية قولا وعملا وتقريرا وتداعيات ذلك في المغرب وثوابته الدينية، أجرت "أنفاس بريس" الحوار التالي مع الأستاذ مولاي علي الريسوني الذي شرح وأفاض  في دواعي الاحتفال بعيد المولد النبوي كعيد اجتماعي ومناسبة للفرح بعيدا عن البدع خاصة وأن ليلة الاحتفاء بهذا العيد يرأسها أمير المؤمنين، هذا ما يحلله في الحوار التالي:

+ كيف تقرأ الجدال القائم الآن بين السلفية والتصوف والذي اندلع بمناسبة عيد المولد هل هو جدال مفتعل أم هو إحدى تجليات النزاع القائم حاليا بين التيارات الإسلامية؟

- الذي أراه وأنا متأكد منه أن هذا الأمر مفتعل ليست له مناسبة ولا فائدة في العالم الذي نعيشه وليعلم الجميع أن المولد النبوي هو عمل اجتماعي دنيوي ليس له علاقة بالشعائر التعبدية الواردة في الكتاب والسنة ومنصوص عليها ولا يجوز أن يزيد الإنسان فيها أو ينقص منها  كالصلاة مثلا فقد حدد الظهر في أربع ركعات، وكذلك الصيام في 29 أو30 دون زيادة أو نقصان وهكذا الشعائر الدينية المنصوص عليها في  الكتاب والسنة ولا يجوز أن نخترع شيئا جديدا مما نص عليه، وبالتالي فإن "المولد"عمل اجتماعي جمعوي شعبي يدخل في عادات  وتقاليد وعمل الإنسان الذي ليس محجرا في عمل الشرع  بكيفية معينة ولذلك فكلام هؤلاء الناس -المنتقدون- يدل على  الغباوة والبلادة لأنهم ألحقوا "المولد "بشعيرة التعبد المنصوص عليه وهو القربى والزلفى التي يتقرب بها الإنسان بربه في نطاق الشريعة المنصوص عليها من الوحي الشريف المقنن المضبوط  والمسجل الذي يحرم على الآدمي أن يتعدى  نصوصها، أما الأعمال الأخرى المتمثلة في احتفال الإنسان بولده أو بشعبه أو بالمدينة أو بالإنسان أو بكلمة أو بشعر أو يقوم بأي عمل كان في حدود مشروع فذلك جائز شرعا لأننا لم نلحق المولد النبوي بالصلوات الأخرى كعيد الفطر وعيد الأضحى اللذين يمتازان بصلاة تسمى صلاة العيد  ففي عيد المولد لا نخرج إلى المصلى كي نصلي حتى يقول هؤلاء البلداء بأن هذا "عيد يحرم" وهكذا فالعيد الشرعي هو عيد الفطر وعيد الأضحى ويتميزان بشيئين اثنين اﻷول  لا يجوز أن يصوم الإنسان فيهما فمن صام فقد ارتكب حراما  والثاني يمتاز بصلاة جماعية لا تكون في مسجد ضيق إنما يخرج  الجمهور في فضاء واسع جدا ويؤدون صلاة "اجتماعية" على صعيد البلد وليس على صعيد الحي، وهكذ إن المحتفلين بعيد المولد إذا اخترعوا صلاة مثل صلاة عيد الفطر أو صلاة الأضحى، وقالوا هذه صلاة جماعية في المولد نقول هذه بدعة ، لكن لم يقل أحد من علماء الأمة، ولا من العامة ولا من البوادي ولا من أهل الأمازيغ أننا سنعمل عيدا يضاهي صلاة الفطر أو صلاة للأضحى حتى نلحق عيد المولد بالبدعة هذا ألأمر الأول الأمر الثاني الإحتفال بالمولد يأتي في إطار الذكريات التي أجازتها الشريعة الإسلامية لأنه من عمل الإنسان والبشر خلقهم الله تبارك وتعالى للعمل ولم يثبت وجود نص يمنع الإنسان من احتفاله بذكرى تاريخية أو وطنية أو اجتماعية وعلى ذلك فالمغرب يعمل ما يعمله الناس من المهرجانات والذكريات.

وهذا الاحتفال إذن عقلاء الأمة من المالكية والحنابلة وغيرهم لم يحرموه أبدا، بل حرموه إذا كان فيه شيء محرم، كما ذكرت ذلك، ولماذا يحظر على البشر أن يقوموا بجمع وقراءة القرآن  وتلاوات ولذلك أكرر بأن ذكرى المولد هي عيد اجتماعي وعيد الأمة ومناسبة كريمة نكرم فيها الرسول وإلا فمتى نكرم الرسول ونكرم القرآن المنزل عليه   ونكرم أصحابه إذا لم تكن في هذه المناسبة ؟ متى نتذكر الشريعة الرحمة والتوازن  والتي هي ضد التطرف والغلو ومتى نتذكر أيضا السيرة النبوية العطرة؟ فهؤلاء الناس يضربون في حديد بارد لأنهم يحرمون ما لم يحرمه الله وهم المتشددون الذين يتكلمون في الشريعة بتأويلاتهم وإسقاطاتهم هم وجعلوا للدين الحنيف تفسيرات خاصة بهم ويريدون أن يخضع المسلم لتفسيراتهم هذه، فسائر أعمال الإنسان  جائزة في الأصل ما لم يحرمها الشرع، كما أن الشريعة المحمدية  اختصت بالعبادات  وبينتها وبأمور العقائد وإذا جاءت نصوص في المعاملات تحددها كذلك، وتكفي الإشارة آن المبادرة الوطنية تقوم بأعمال اجتماعية  والمغاربة دأبوا على أن المولد تتم فيه عملية ختان الأطفال وفيه صلة الرحم فيه أسفار.

+ إذن فالذين يعتبرون عيد المولد بدعة هم بشكل آخر يمسون بإمارة المؤمنين وما يقوم الملك عند إحياء ليلة المولد ؟

- أكيد فالذكرى هي اقتداء بأمير المؤمنين  الذي هو إمامنا  وهو مرجعنا الأكبر في الدين والدنيا فهو ملك من حيث أن المغرب دولة عصرية ديمقراطية  ومن حيث أن المغرب دولة إسلامية وسكانه مؤمنون فهو أمير المؤمنين ،فكيف يعقل أن أمير المؤمنين يرأس حفظه الله بنفسه حفل المولد النبوي البهيج  كما كان يفعل أبوه رحمه الله وأجداده ويحضر معه علماء المغرب وسفراء المسلمين وجمهور كبير من المؤمنين ويقيمون احتفالا بالمولد ويأتي البعض  ويقول الاحتفال بدعة!!

إذن على من يلاحظون؟ ومن ينتقدون؟ هذا أمر غاية في السفاهة ومن قلة العقل والفهم وكذبوا كثيرا كثيرا عندما يقولون بأن أهل التصوف هم ابتدعوا هذا الاحتفال إن المواسم التي تتم بالمناسبة هي مواسم شعبية فهل يريدون أن يكون الشعب أبكم ؟ أصم ؟فهؤلاء يريدون إيقاظ الفتنة، وقد خرجوا عن إجماع الأمة وعن ما عليه أهل العقل وأهل الإنصاف ونحن نسميهم بالغلاة والمتطرفين والمتشددين لأنهم خرجوا بتأويلات جديدة لا تصلح لوقتنا هذا الذي يحتاج فيه الشباب  للتنفيس عن أنفسهم بالأغاني والحضور في المواسم، هؤلاء الناس  يريدون بطريقة مباشرة أو غير مباشرة إيجاد حالة احتقان وحالة من التذمر والحرج داخل المغرب.