الأحد 20 إبريل 2025
سياسة

"حديث الجثة" والذئاب في خطاب بنكيران في البرلمان.. في مديح "الترانسبورتور" الحسين الوردي وما جاء فيه من بهتان (مع فيديو)

"حديث الجثة" والذئاب في خطاب بنكيران في البرلمان.. في مديح "الترانسبورتور" الحسين الوردي وما جاء فيه من بهتان (مع فيديو)

أوباما باباه والله معندو بحال هاذ الهليكوبتر للي عند الوردي... وزير الصحة نتا واعر واعر.. الله يعطي عليها زينة الداودية الصحة.

عبد الإله بنكيران يغازل الحسين الوردي في البرلمان ويتوجه أحسن وزير للصحة من بين كل الوزراء الذين تعاقبوا على وزارة الصحة.

- مالو بان ليك غير هو مسكين

يرد بنكيران بشراسة ذئب على البرلماني

- هذا للي حكَرتي عليه أول وزير دخل الهلوكبتير للمناطق النائية لنقل الجثث قبل أن تأكلها الذئاب..

هدير الحوامة يشق الصمت المطبق على المكان الموحش. تدنو من المركز الصحي الذي تداعت جدرانه.. الطائرة تحلق فوق المركز الصحي، تبحث عن أرض منبسطة تحط فيها. تحلق السكان حول هذا "الكائن الفضائي"، لأول مرة يشاهدون مروحية بالعين المجردة. المشهد يشبه فيلم "بابل" الذي لعب فيه براد بيت البطولة. زوجته الجريحة (الممثلة الحسناء كيت بلانشيت) مضرجة في دمائها، وبراد بيت يستغيث وهو يطلب النجدة، يصرخ بصوت عال مزمجرا وهو يرطن بالإنجليزية.. سكان القرية النائية التي تختبئ بين الجبال كأنهم منحوتون من هذه الصخور القاسية. وجوه محنطة بلا ملامح، صدور جوفاء خالية من المشاعر والأحاسيس وهم يتفرجون على السائحة الأمريكية ودماؤها تنزف. الرصاصة الغادرة التي اخترقت كتفها حفرت نفقا عميقا داخل جسدها ونهشت لحمها.

براد بيت يلعن كأمريكي معتقل في قبيلة للهنود الحمر. المخرج المكسيكي يغزل المشاهد بعين هوليودية لا ترى في المغرب إلا قرية تسكنها الأشباح.. وأطفال يمارسون العادة السرية ومتعطشون للقتل.. وآباء قساة القلب يجلدون نساءهم. انشقت السماء الملبدة بالغيوم وظهرت طائرة هليكوبتر وحطت على الأرض لتنقل السائحين الأمريكيين إلى مدينة الدار البيضاء على مهبط إحدى المصحات الخاصة، لينتهي التشويق.

المغربي الوحيد الذي كان يشاهد الفيلم بإمعان وتأثر وانفعال إلى درجة كبيرة هو الحسين الوردي، وزير الصحة الحالي. آنذاك كان الوردي رئيسا لقسم المستعجلات بالمستشفى الجامعي ابن رشد بالدار البيضاء، فانبهر بعد مشاهدة الهليكوبتر التي بقيت صورتها عالقة في ذهنه، وأقسم بأغلظ إيمانه بأن يجلب أفضل من تلك الهليكوبتر حين يصبح وزيرا. وها هو الوردي يحقق أمنيته إلى حد أنه انتزع اعترافا وشهادة تقدير من رئيس حكومته عبد الإله بنكيران الذي وضعه في مدارج الوزراء العظماء، خاصة أنه نجح نجاحا باهرا في الحفاظ على طراوة "الجثث" في المغرب العميق قبل أن تمتد إليها أنياب الذئاب.

بنكيران اعترف أن في عهده تهمل الجثث حتى تتطاول عليها الذئاب، ولولا فضل الترانسبورتور "le transporteur"  الحسين الوردي الذي أصبح يؤمّن النقل الجوي لنقل هاته الجثث من المناطق النائية غير التابعة لردار حكومة بنكيران إلى المشرحة، لأصبحت وليمة للذئاب. هذه الخدمة التي يقدمها الوردي نال عنها وسام الاستحقاق من بنكيران الذي صمت عن أطول إضراب للطلبة الأطباء المقيمين والداخليين نظم ضده سياسته الصحية، وصمت أيضا عن بيعه للمصحات الخاصة في مزاد علني، وصمت أكثر عن المستشفيات العمومية الجرداء والخالية حتى "الدوا لحمر".

الوردي لا يختلف عن مخرج فيلم "بابل" المكسيكي أليخاندرو غونزاليس إيناريتو وتوظيفه لكل توابل الإبهار في فيلمه الذي صور في جنوب المغرب، حيث تحول الوردي من وزير للصحة إلى مخرج سينمائي بارع في المؤثرات السمعية-البصرية وتقنية ثلاثية الأبعاد "تروا دي". مروحيات الوردي أصبحت "لاميبلانصات" طائرة فوق سماء "وطن الذئاب".. هذا الوطن المنسي والمجهول الذي لا يستفيد من التغطية الصحية، ولا تبنى فوق ترابه المراكز الصحية والمستشفيات العمومية، ولا يزوره الأطباء والممرضون... باختصار هو "وطن لي زومبي " (les zombies)، "وطن الموتى الأحياء" تماما مثل ما نشاهده في أفلام مدن الرعب التي تنتجها هوليود، حيث لا أثر للحياة ولا مكان للمدنيّة.. الوحوش الآدمية المتعطشة لدماء الأبرياء هي من تحكم المدينة تحت قانون الفوضى والإرهاب.

اعتراف بنكيران في قبة البرلمان بوجود جثث تنهشها الذئاب، هو عار على هذه الحكومة، واتهام لأفضل وزير صحة في تاريخ المغرب بأن في عهده تعتلّ الأجساد ولا تجد من يشفيها، وتتساقط الجثث ولا تجد من يدفنها وينقذها من أنياب الذئاب..

حديث بنكيران عن الجثة في السياق الدلالي لها معنى إجرامي، وشهادته صك إدانة للحسين الوردي.. فيكفينا ما تنتجه هذه الحكومة يوميا من الرعب، حتى يصبح "حديث الجثة" عنوانا للشهامة والافتخار!!

رابط الفيديو هنا