الثلاثاء 24 سبتمبر 2024
مجتمع

الفاعلة الجمعوية أريج بوصوف: الاهتمام بشبيبة الأحياء الهامشية يجنبهم الوقوع في أحضان التطرف

الفاعلة الجمعوية أريج بوصوف: الاهتمام بشبيبة الأحياء الهامشية يجنبهم الوقوع في أحضان التطرف

حذرت أريج بوصوف، رئيسة جمعية "فيفاو" من خطورة الهوامش بالمدن المغربية، داعية الى الاهتمام بالأحياء الهامشية التي تعاني من الهشاشة والافتقار للخدمات العمومية. كما دعت الى أهمية وجود هيآت حكومية حاملة للمشاريع التنموية بسبب ضعف تأهيل عدد هام من الجمعيات.. منتقدة الحضور المناسباتي لبعض الجمعيات وغياب التخصص، داعية إلى مراجعة قانون الجمعيات.

+ يتم الإعلان من حين لآخر عن تفكيك خلايا إرهابية بالمغرب، وهو ما يؤكد أن المغرب ليس في منأى عن خطر التطرف والإرهاب، فما هي المقاربة التي تعتمدون عليها داخل جمعيتكم "فيفاو"؟

- كما تعلمون فإن خطر التطرف قد يأتي من هوامش المدن المغربية، والأحياء التي تعاني من الهشاشة ومن الافتقار إلى الكثير من الخدمات العمومية.. إذن فمقاربتنا تعتمد على الاهتمام بالأحياء الهامشية، الاهتمام بشبيبة هذه الأحياء.. فلو عدنا إلى أحداث 16 ماي الإرهابية التي هزت مدينة الدار البيضاء، سنجد أن المتورطين فيها هم شبان تائهون، وقعوا في فخ التطرف والإرهاب. وكما تعرفون فهناك العديد من الجمعيات، فمثلا مدينة مكناس تتوفر على 8000 جمعية، فهل هي كلها موجودة على أرض الواقع؟ لست أدري، علما أن هدف الجمعيات هو النزول إلى الميدان، حيث لاحظنا أن بعض جمعيات المجتمع المدني أضحى حضورها مناسباتيا، ولا تظهر إلا مع وجود أحداث كبرى في غياب برامج ميدانية ومواكبة ميدانية. وتمنيت لو توفرنا على مزيد من جمعيات الأحياء التي تركز على العمل في مناطق محددة بدقة.. فلو توفرنا مثلا على جمعية اجتماعية، ثقافية بالحي، فمن المؤكد أننا سنتوصل إلى حلول تهم الحي لأننا نتوفر على دراسة تخصه.

+ وماذا عن خلاصات الدراسة التي قمتم بها في كاريان السعيدية بمكناس؟

- صراحة، هذه الدراسة تضم أرقاما صادمة، فنسبة التمدرس بهذا الحي جد منخفضة، إذ لا يتعدى 5 في المائة. ففي عمر 13 سنة جميع أبناء هذا الحي يغادرون المقاعد الدراسية، والأكثر تقدما مستواه لا يتعدى الثامنة أو التاسعة إعدادي.. نحن بحاجة إلى تواجد المجتمع المدني بهذا الحي، علما أن هؤلاء قد يشكلون مصدر خطر مستقبلا. فمع الأسف، شبيبة الأحياء الهامشية يتربصها خطر التطرف والإرهاب رغم وجود عدد هام من الجمعيات التي تهتم بمحاربة التطرف، كما يتربصها أيضا خطر الوقوع في الإدمان على المخدرات والأقراص المهلوسة.. وهؤلاء أيضا يمكن استغلالهم بسهولة.. وأعتقد أن الحل يكمن في تقديم مشاريع لفائدة الجمعيات من طرف حامل مشاريع، علما أن الكثير من الجمعيات تفتقد إلى تكوين... علما أن تأسيس الجمعيات هي ظاهرة حديثة في المغرب. إذن في هذا الإطار أقترح أن تقوم المبادرة الوطنية للتنمية البشرية أو أية هيئات حكومية أخرى بتهييئ مشاريع وتسليمها لفائدة الجمعيات، علما ان خطر التطرف بالمغرب يبقى قائم.نحن بحاجة أيضا إلى ضرورة تخصص الجمعيات وتحديد الأهداف بدقة، إذ لا يمكن أن تجمع الجمعيات التربية والثقافة والرياضة والتنمية وكل شيء، فهذا غير معقول، ونشاط الجمعيات لا يمكن أن يقاس بإقامة التظاهرات الكبرى وسط المدينة، بل لابد أيضا من الالتفات إلى بعض الجمعيات الصغيرة التي تعمل بالأحياء الهامشية أو القرى النائية، والتي تحمل لمسات مهمة لفائدة الساكنة.

+ وماذا عن دور المنشآت الثقافية في مواجهة ظاهرة التطرف؟

- سأتحدث عن التجربة الإيطالية في هذا الإطار، إذ تبنت المقاربة الثقافية لمواجهة ظاهرة التطرف من خلال الرفع من الميزانية المخصصة للجانب الثقافي، لأن الثقافة تؤثر بسهولة، إذ لا يمكن دعوة الأشخاص البالغين 30 إلى 40 سنة إلى العودة الى المقاعد الدراسية. اذن لابد من الاستثمار في الميدان الثقافي من أجل مواجهة التطرف. وحين أتحدث عن الثقافة فأنا لا أقصد إقامة تظاهرات مناسباتية محدودة في الزمان (مهرجانات الشطيح والبندير)، بل أقصد البرامج الثقافية التي تستهدف الساكنة في العمق.. لابد من العمل على الجانب التوعوي والحملات التحسيسية..

+ تنتقدون أداء بعض الجمعيات التي تقتصر على بعض البرامج المناسباتية أو الاكتفاء بردود الأفعال، فماذا عن تجربتكم في "فيفاو"؟

- أنا لا أنتقد من أجل الانتقاد فقط، فجمعيتنا هي جزء من المجتمع المدني، وأعتقد أنه يمكن توجيه العتاب للمجتمع المدني المغربي في  الكثير من الأمور، ولابد أيضا من مراجعة قانون الجمعيات.. فالمجتمع المدني غير مهيكل بشكل جيد، وأضحى أي كان بإمكانه تأسيس جمعية، وهناك أشخاص يترأسون الكثير من الجمعيات، وهذا غير معقول. فيما يخص تجربتنا، فمنذ 2008 ركزنا على الاهتمام بفئة من الشباب الذين يعانون من الهدر المدرسي.. وقد نجحنا في إعادة إدماجهم من جديد سواء في التكوين المهني أو إيداع ملفات ترشيحهم للباكلوريا الحرة أو الانخراط في الحياة المهنية. اذن هذه هي لمستنا والتي تبقى صغيرة وليست بالشيء الكبير. وأنا لما أتحدث عن دور المجتمع المدني، فإني أقصد هذه اللمسات الصغيرة التي يمكنهم القيام بها.